Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Noocyada
فاغتنم فرصة وجود فرديناند في زمرة القناصل العامة المحيطين بشخصه في تلك الحفلة الرسمية التاريخية، وقال له على مسمع من الجميع: إني، يا مسيو دي لسيبس لأرى نفسي غير جدير بالملك إذا لم أكن قناليا أكثر منك، وإنك، لو كنت والي مصر، وأنت رئيس شركة القنال، لما فعلت في مصلحتها، بالأستانة، أكثر مما فعلت أنا.
4
فبدد، بذلك، سحابة الوهم التي كانت قد غشيت أفكارا كثيرة؛ وتمكن، بباكورة أعماله هذه التي سردنا تفاصيلها، من بلوغ غايتين معا: (الأولى) المحافظة على وداد الرجعيين ومحبيهم؛ و(الثانية) اكتساب ثقة الأوروبيين وإعجابهم به.
أما شعبه فكان فرحا به، فرحا بتوليته، ولا فرح الصبي بيوم العيد.
الفصل الثاني
زيارة السلطان عبد العزيز للديار المصرية1
كانت زيارتكم هذي لنا أملا
واليوم قد بلغ الآمال راجيها
وبينما الملأ في القطر لا يزالون يتحدثون بسفر سمو الوالي إلى القسطنطينية، والحفاوة التي قوبل بها هناك، والإكرام الذي ناله؛ وبما اشتملت عليه الخطبة الرسمية من بدور سعد تسطع في سماء البلاد؛ وبينما الكل يشاهدون بدء تحقيق الخطة التي رسمها لنفسه في ذلك الخطاب، فيما أصدره من الأوامر إلى وزارة المالية بتخصيص مبلغ ستين ألف كيس (أي: ما ينوف قليلا على سبعة عشر مليونا ونصف من الفرنكات) بصفة مرتب سنوي له، لن يتعداه، وصرف كل ما يزيد على ذلك في مصالح البلاد - إذا بخبر دوى في وادي النيل جعله يهتز طربا من أعلاه إلى أقصاه، وجعل عيون عموم العالم الإسلامي تتجه إليه، وتنظر نظرة إجلال وإعظام إلى العاهل الحاكم فيه. ذلك النبأ إنما كان تحرك الركاب السلطانية العثمانية إلى زيارة الديار المصرية، والبر بالوعد الذي وعد (عبد العزيز) تابعه به.
وإنما كان لذلك النبأ، ذلك الوقع العظيم؛ لأنه منذ أن فتح السلطان سليم خان الأول القطر المصري وأضافه إلى ممالكه الشاسعة الأرجاء، وبارحه بعد أن أقام فيه حكومته المملوكية المزدوجة، التي كانت من أكبر أسباب فقره وتعاسته، لم تطأه قدم سلطان عثماني مطلقا؛ ولا وقع في خلد أحد أن خليفة الإسلام يأتي إليه ليزوره، بعد أن فارقت الخلافة العباسية ربوعه؛ ولأنه منذ أن أغمض الموت جفون السلطان مراد خان الرابع في سنة 1630 لم يرو عن سلطان عثماني مطلقا أنه فارق عاصمة ملكه، لا لجهاد تقي ولا لتفقد أحوال رعيته، ولا لزيارة غيره من عواهل الدنيا وملوكها.
Bog aan la aqoon