366

Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Noocyada

وكان الدهر قد وضع بجانبه، منذ طفوليته، إنسانا نما وشب وترعرع معه، فكان أدرى الناس بأميال روحه العظيمة، وتجردها من الاهتمام بالماديات إلا لتحقيق النفسانيات، فرأى أن يثري - وأيما إثراء - من موارد الثروة التي يستطيع أن يضع عينها تحت تصرف مولاه - ولو تعسر عليه السمن إلا من بؤس مواطنيه - فأقبل يتلمس تلك الثروة من كل باب، وشرع يملأ خزائنه بها، بينما هو يدفق المال، المتسنى له استخلاصه بكل تفنن من الجيوب إلى أيدي مولاه.

فأدى هذا وذاك إلى تراكم سحاب في سماء (إسماعيل)، ما فتئت الأيام تزيده تلبدا، كلما زادت في فؤاد الخديو حرارة الرغبة في تحقيق مساعيه.

وهذا هو ما سنشرحه مفصلا في الصفحات الآتية.

الفصل الثاني

سفر في تاريخ مصر المالي1

مات (سعيد) وعلى القطر دين سائر، ودين مقترض، يزيد مجموعهما على أحد عشر مليونا من الجنيهات ، وعليه فوق ذلك قيد الامتياز الفاحش الممنوح لشركة ترعة السويس.

2

فما لبثت أن أوجبت زيارة السلطان عبد العزيز للبلاد المصرية، والكوارث الطبيعية التي تلتها، وحملة العسير، فإقدام (إسماعيل) على بث روح الحياة في أعمال القطر قاطبة، وعلى إزالة ما في امتياز شركة السويس من جائر نفقات ومصروفات جعلت الخزينة المصرية تشكو العوز والضيق، بالرغم من الخيرات الكثيرة المتدفقة إلى البلاد من وراء ارتفاع أسعار القطن، وزيادة صادراته.

فكلف (إسماعيل) نوبار باشا بالسعي إلى عقد قرض جديد في الأسواق الأوروبية أثناء وجوده في باريس، للعمل على الفوز بالمطالب المصرية من شركة القنال.

فأقبل نوبار، في شهر يونية سنة 1864، على مخابرة المحال المالية في شأن ذلك القرض، واستمر في أخذ ورد معها مدة ثلاثة أشهر، حتى تمكن من إبرام عقد الاتفاق في 24 سبتمبر من السنة عينها، فتعهد بموجبه المتعاقدون بأن يدفعوا إلى الحكومة المصرية خمسة ملايين جنيه إنجليزي على أربع دفعات متساوية، تستحق في نوفمبر سنة 1864، ويناير وفبراير وأبريل سنة 1865، وأن تسدد لهم الحكومة المصرية ذلك المبلغ بفوائده، على خمسة عشر قسطا سنويا، قدر كل قسط منها ستمائة وعشرون ألفا ومائتان وأربعة وتسعون جنيها، وأن تكون إيرادات مديريات الدقهلية والشرقية والبحيرة ضمانة لذلك، وتحول رأسا إلى الدائنين.

Bog aan la aqoon