335

Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Noocyada

وكان يومئذ قد صدر الأمر ببيع بعض أشياء من ممتلكات الحكومة زائدة عن الحاجة من عقارات وغيرها، وكان المأمور بذلك إسماعيل باشا الفريق، فاستصحب عليا معه إلى محلات البيع.

فلما حضر المزادات، ورأى الأشياء تباع بأبخس الأثمان على نفاستها، وغلو ثمنها الأصلي، وإنها - علاوة على ذلك - لا تباع بالنقد الحال، بل تؤجل الأثمان بالآجال البعيدة، وبعضها بأوراق الماهيات، ونحو ذلك من أنواع التسهيل على المشتري، مالت نفسه للشراء والدخول في التجارة، ففعل.

وعامل التجار، وعرفهم وعرفوه، وكثر منه الشراء والبيع، فربح واستعان بذلك على المصرف وأداء بعض الحقوق، فازدادت عنده دواعي التجارة، وصارت هذه مطمح نظره، وقصر عليها فكرته، خصوصا بسبب ما تقرر عنده من اضطراب الأحوال وتقلبات الأمور التي كادت أن تذهب منه ثمرات المعارف والأسفار.

فقام بخاطره أن يعقد شركة مع بعض المهندسين المتقاعدين مثله، على أن يبنوا بيوتا للبيع والتجارة، فلم يوافقه أحد.

فلما هم بذلك طرق (سعيدا) طارق المنون، وخلفه (إسماعيل)، فتذكر عليا رفيقه في التلمذة، وبعد العودة إلى الديار، فألحقه بمعيته زمنا، ثم عينه لنظارة القناطر الخيرية التي كانت موضع اهتمامه الفائق، فأصلح ما كان قد اختل من أمورها.

ولما حفر رياح المنوفية أحيل عليه عمل قناطره ومبانيه، فأجراها على ما هي عليه الآن.

وفي سنة 1282 اختاره (إسماعيل) للنيابة عن الحكومة المصرية في المجلس الذي تشكل لتقدير الأراضي التي كانت حق شركة ترعة السويس، على مقتضى القرار المحكوم به من قبل الإمبراطور نابوليون، فأتم المسألة على أحسن حال، وأحسن إليه بعد إتمامها برتبة المتمايز، وأعطي النيشان المجيدي من الدرجة الثالثة ، وبعث إليه من قبل الدولة الفرنساوية بنيشان (أوفيسييه دي لالچيون دونور).

وفي شهر جمادى الآخرة من سنة 1284 أحيلت إليه وكالة ديوان المدارس تحت رياسة شريف باشا، مع بقاء نظارة القناطر الخيرية، وبعد قليل انتدبه (إسماعيل) للسفر إلى باريس في مسألة تخص المالية، فكانت مدة غيابه ذهابا وإيابا وإقامة خمسة وأربعين يوما، استفاد فيها فوائد علمية جمة. وبعد قليل من عودته أحسن إليه في سنة 1285 برتبة ميرميران، وأحيلت إلى عهدته إدارة السكك الحديدية المصرية، وإدارة ديوان المدارس، وإدارة ديوان الأشغال العمومية، وفي شهر شوال من تلك السنة انضم إلى ذلك نظارة عموم الأوقاف مع بقائه على نظارة القناطر الخيرية، والتحاقه برجال المعية.

فشمر عن ساعد جده في مباشرة تلك المصالح، ولسبب اتساع ديوان السكة الحديدية، وكثرة أشغاله، كان يذهب إليه من بعد الظهر إلى الغروب، للنظر فيما يتعلق به، وجعل من الصبح إلى الظهر لباقي المصالح.

وكان قد تحصل على الإذن بنقل المدارس من العباسية إلى القاهرة، إلى سراي الأمير مصطفى فاضل بدرب الجماميز، رفقا بالتلامذة وأهلهم، لما كان يلحقهم في الذهاب إلى العباسية من المشاق والمصرف الزائد، فأجرى في السراي تصليحات لازمة للمصالح، وجعل السلاملك للديوان، ووضع كل مدرسة في جهة، وجعل بها أيضا ديوان الأوقاف وديوان الأشغال، فسهل عليه القيام بها.

Bog aan la aqoon