313

Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Noocyada

وأما الحبشة فلم يتوصل إلى الاتفاق معها.

إلى هنا تقف حركة الفتح والتوسع في أيام (إسماعيل)، ويؤخذ منها بصفة إجمالية أن السير صموئيل بيكر، فيما بين سنة 1870 وسنة 1873، احتل وادي النيل الأبيض الأعلى لغاية (جندوكورو )، وأن الزبير فتح بلاد بحر الغزال فدارفور، وأن جوردون كمل عمل بيكر، فأسس نقطا حربية لغاية (مرولي) على نهر السمرست، واحتل ماسندي عاصمة مملكة يونيورو، ووضع حدا للمنازعات التي كانت قائمة منذ دهر بين قباريجا وآتفينا وريونقه، سليلي أول ملوك اليونيورو، على تقسيم هذه المملكة! فأجبر قباريجا على الامتثال لإرادته، وعين الاثنين الآخرين حاكمين على (ماجونجو) و(مرولي)، تحت ولاء الخديو، وأن حملة عسكرية أخرى بلغت بحيرة ڨكتوريا، وأقامت على بعد قليل من شلال ريبون العظيم نقطة عسكرية عند الدرجة 0,30 شمالي خط الاستواء، وأن الجنود المصرية احتلت في الوقت عينه بربرة، وعهدت إليها مهمة التقدم بالتدريج على طول حدود الحبشة الجنوبية الشرقية، للإحاطة بهذه البلاد، بإخضاع عموم المقاطعات الممتدة ما بين البحر وينابيع النيل، وأن توسع السيادة المصرية على ساحل أفريقيا الشرقي سار بخطوات متساوية مع سير الفتوح في داخلية القارة، وأن مصر وضعت قدميها بثبات وعزم على خليج عدن في سنة 1873، وأن متزنجر، بصفته محافظ مصوع والحاكم العام للسودان الشرقي، ما فتئ يوسع دائرة ولايته حتى مدها رويدا رويدا على ساحل الصومال فيما وراء بربرة، وأن الخديو استخدم ذلك الثغر قاعدة لتسيير حملات متتابعة ضد قبائل الصومال المجاورة، لا سيما قبائل القالا، فقهرها على أمرها، وأنه استولى على هرر بدعوة من أهلها، وأنه لما لم يعد في سبيل تجمع أملاكه بعضها إلى بعض سوى الحبشة أراد كنسها من سبيله، فأوقف دفاعها عن نفسها، وسوء اختيار القواد الذين نيطت بهم محاربتها، سير جنوده الفاتحة المنصورة.

فكانت نتيجة هذه الفتوحات كلها أنه أضيف خمسون ألف ميل مربع إلى مساحة الدولة المصرية، ونيف وثلاثة عشر مليونا ونصف مليون إلى عدد سكانها.

الفصل الثاني

العناية بالعلوم وتوسيع دائرتها1

أبدو فيخضع من بالسوء يذكرني

كأنني فوق أعناق العدى علم

أحمد بن شاهين الدمشقي

غير أن أهم نتائج تلك الفتوح تمكن (إسماعيل) من إرسال عدة بعثات علمية إلى أواسط أفريقيا ومجاهلها، وأقاصي سواحل المحيط الهندي الشرقية؛ للقيام باستكشافات شتى في أبواب مختلفة، أثرت العلوم من ورائها، وزادت دائرتها اتساعا، ورفع في الوقت عينه شأن دولته رفعا باهرا.

وذلك علاوة على ما سبق لنا ذكره في الفصل الخامس من الباب الأول، من مظاهر عنايته الفائقة بالمعارف والتعليم والحركة الفكرية، وما بذله لأربابها والقائمين بها من صنوف الإكرام والترغيب ما لم يرو عن عاهل شرقي غيره، منذ أيام كبار العباسيين وكبار الفاطميين.

Bog aan la aqoon