Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Noocyada
حمل العالم المتمدين على أن يحله من نفسه وصميمه، محل ملك حقيقي مستقل، وتمكن في الوقت عينه من المحافظة على حب الأستانة له، بالرغم من عمله على تقليص ظلها الثقيل عنه، وهو تمكن كان لا بد منه لنجاح مقاصده الخفية، فلم يستكثر في سبيل ذلك جميعه الأموال الجمة التي أنفقها؛ وعدها منفقة في خير الوجوه، ولو أنها بلغت بضعة الملايين من الفرنكات عدا. (2) الاستقلال دون السلطان العثماني بالقيام بحفلات ترعة السويس
17
عاد (إسماعيل)، من السويس، إلى القاهرة - بعد قيام البرنس أوڨ ويلز إلى الإسكندرية، ليبحر منها، ووجهته الأستانة، في شهر مارس سنة 1869 - وقد شغف بعمل دي لسبس شغفا يفوق حدود التصور، ووطن نفسه على أن يقوم باحتفالات فتح الترعة للتجارة العالمية، قياما يزيل كل ما أشكل على الغير في الماضي من نياته، ويظهر ثروته وثروة بلاده في مظهر تتضاءل أمامه كل ثروة أخرى، مهما عظمت، أو فخمتها الأحلام؛ فيبهر العالم المتمدين ويسحره ويأخذه؛ ويغتنمها فرصة في الوقت عينه ليتحرر مما بقي من القيود العثمانية الملقاة على عاتق مصر، فيعلن استقلاله بها، بمساعدة العواهل الغربيين الذين يكون قد فاز باستمالتهم إليه، لا سيما الإمبراطور الفرنساوي، والملك الإيطالي، صديقيه الحميمين.
وبينما هو يضع الخطة لسيره وعمله، ويستمرئ، مقدما، لذة فوزه بمبتغياته، وإحراز إعجاب العالم به، وقع في خلد مدير الأوبرا الخديوية، المدعو منسي بك - وكان أرمنيا تفرنس - أن يقلق سكينته، ويشغل فكره، ليفترس شكره، ويثري من «محظوظيته».
ففي ذات ليلة من ليالي أبريل الأولى، إذ كان (إسماعيل) مزمعا على الذهاب إلى تلك الدار، ليحضر تمثيل الجوقة الفرنساوية، المستأجرة في ذلك العام، دخل منسي بك، مضطربا، الشرفة المخصصة هناك لسموه، وأخرج شيئا سمجا حاول صانعه أن يجعله آلة جهنمية - من تحت الكرسي الذي كان (إسماعيل) يجلس عليه، وأوقع الصوت في الدار، فاضطربت كلها، وبطل التمثيل؛ وحملت الأنباء إلى الخديو - وكان لا يزال بعابدين - فانزعج، وعلا الغضب وجهه، إذ ظنها مكيدة جديدة دبرها له مريدو عمه المنفي، وارتجت أركان العاصمة، ووجلت قلوب الجالية الغربية في القطر، وأكب رجال الشرطة، ورؤساؤها على البحث والتنقيب، للوصول إلى معرفة مدبري تلك المكيدة.
فأسفر بحثهم وتدقيقهم:
أولا:
عن أن تلك الآلة، المزعومة جهنمية، لم تكن تخفي في جوفها سوءا، وإنما كانت مظهر خطر فقط، وآلة نصب في الحقيقة.
ثانيا:
عن اعتراف منسي بك نفسه بأن المسألة كلها لعبة دبرها، هو، لتتخذ شكل مكيدة، فيكون له فخر اكتشافها ومغنم المكافأة الثمينة التي كان لا بد من إعطائها له.
Bog aan la aqoon