222

Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Noocyada

غير أن (إسماعيل) كان ، مع ذلك، مصمما تصميما وطيدا على نيل الاستقلال التام لمصر، يوما ما، وإلى رفع قيد الجزية المذل عن عاتقها؛ ولكنه كان يرقب الفرص لهذا الغرض، ويتحينها، ليغتنمها ويستفيد منها؛ عاملا، في الوقت عينه، على إدراك مناه من سبل يختطها لنفسه، ووسائل يتخذها، ولا يرى اتصالها بغرضه، مباشرة.

منها توصيته مصانع الأسلحة الفرنساوية، في سنة 1867، على صنع عدة آلاف بندقية من البنادق ذات الإبر، التي كان قد اخترعها رجل يقال له: «شاسبو» وتسمت باسمه، ليسلح بها الجيش المصري، بدل البنادق القديمة، الموضوعة بين يديه منذ أيام (محمد علي) الأخيرة: فيكسبه قوة واستعدادا للطوارئ.

ومنها إشراك حكومته في مؤتمر النقود، المنعقد بباريس في تلك السنة؛ وإرساله مندوبا من قبله يمثل مصر فيه؛ وتزويده إياه بأوامر أدى نفاذها إلى تعديل النظام النقدي في القطر في السنوات التالية.

ومنها حملة الملكة فكتوريا، بواسطة قنصلها العام بمصر، على منحه أكبر درجات وسام الحمام، وتكليفها اللورد كلارنس پاچت، أمير أسطولها في البحر الأبيض المتوسط، بالذهاب إلى عاصمة الديار المصرية، خصيصا، لتقليده إياه: فحمله إليه ذلك اللورد في وفد حافل من كبار ضباط عمارته البحرية، وبعض كبار الكتاب؛ وما حلت ركابهم بمصر إلا وأنزلهم (إسماعيل) في قصر النزهة، بشبرا - وهو الذي نزل فيه، بعد ذلك بسنتين البرنس أوف ويلز وقرينته؛ ونزل فيه بعد نيف وأربعة عشر عاما، الوفد العثماني الأول، الذي أرسل لتسوية الخلاف بين الخديو (محمد توفيق) ورجال الجندية الثائرين على أنظمة حكومته - واحتفى بهم احتفاء عظيما، كان له أحسن وقع في نفوسهم، ثم استدعاهم إلى حضور استعراضه للجيش المصري الجديد في ميدان العباسية الشاسع، فكانت فرقة الهجانة أهم ما استوقف أنظارهم واهتمامهم فيه؛ لأن جمال ملابسهم البدوية البديعة، وسمرة وجوههم الناشئة عن لفح شمس الصحراء لها، والتحافهم جلال البيداء التي شبوا فيها، وكونهم جميعا من العرب، حرك في المتفرجين عوامل الاستحسان والإعجاب - ولو أن ألسنة السوء التي لم تترك (لإسماعيل) عملا بدون أن تنفث عليه سمومها، زعمت أن أولئك الهجانة لم يكونوا عربا مطلقا، وإنما كانوا من صعاليك الناس، ألبسوا تلك الملابس في ذلك اليوم، لمجرد التغرير بالضيوف!

ومنها اغتناؤه بالجيش المصري وتعليمه، اعتناء فائقا؛ وإنشاؤه المدارس الحربية لتخريج الضباط الأكفاء، واستدعاؤه القواد الأمريكيين لتدريبهم وتكوين أركان حرب متفوقين منهم، وسيأتي شرحه بالتفصيل عند كلامنا على تحقيقه الشطر الثالث من خطته.

ومنه دأبه المستمر، والذي سيأتي بيانه في حينه، على معالجة نجاح مشروعه القضائي المقصود منه القضاء على قيد الامتيازات الأجنبية، المتخذ على الأخص من تبعية مصر للدولة العلية، مانحتها.

ومنها اغتنامة فرصة وجوده بالأستانة في أغسطس سنة 1868 لطلب ونيل رتبة الوزارة الكبرى لولي عهده (الأمير محمد توفيق باشا) لاعتباره ذلك خطوة واسعة في سبيل رفع شأن العرش المصري؛ لأنه إذا كانت درجة ولي عهده، درجة أكبر وزراء الدولة العثمانية، فماذا يجب أن تكون درجة الجالس فعلا على الأريكة المصرية.

ومنها سحبه جنوده من كريت الثائرة على حكم الأتراك، بالرغم من إلحاح عالي باشا الصدر الأعظم عليه بابقائها فيها، غير مبال بحقد ذلك الوزير عليه من جراء سحبها.

على أن أهم تلك السبل والوسائل، إشراكه مصر، مستقلة عن تركيا، في معرض باريس العام سنة 1867 واستقلاله، دون السلطان العثماني، بل وبإهماله إياه بتاتا بالقيام بحفلات فتح ترعة السويس في سنة 1869. (1) اشتراك مصر في معرض باريس العام سنة 1867‏

14

Bog aan la aqoon