219

Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Noocyada

واتفق بعد ذلك أن البوليس - لكي ينال «محظوظيته» عند الخديو، ويظهر لسموه تيقظه وسهره على حياته الثمينة - أقدم في شهر أكتوبر سنة 1868 على استكشاف مكيدة زعم أن عمه حليم باشا دبرها لاغتياله، فنصب شراكه، وبث زبانيته؛ وفي الثاني والعشرين من الشهر المذكور أعلن للملأ نجاح مسعاه، وتمكنه من القبض على المتآمرين على حياة مليك البلاد، فاضطر (إسماعيل) إلى إبعاد عمه عن القطر.

11

وبعد أن عدل (إسماعيل)، على النمط الذي بيناه، نص فرمان أول يونية سنة 1841 الجاعل الوراثة بالأرشدية والمعدل منطوق الشرطين الأول والثاني من شروط فرمان 13 فبراير سنة 1841، أقبل يعمل على إلغاء الشرط الثالث منه، وهو الخاص بتشبيه ولاة مصر بوزراء الدولة العثمانية.

وكان قد عزم عزما أكيدا على إشراك مصر في معرض باريس العام المزمع إقامته في بحر سنة 1867، وعلى إجابة دعوة عاهل الفرنسيس، والذهاب إليه بنفسه، ليظهر بلاده أمام العالم المتدين في ثوب التقدم والرقي الذي لبسته في عهد أسرته العلوية وعهده، فيحمل الأمم المتمدينة على اعتبارها واحدة منها، وليظهرها ببذخه وجوده، وسطوع معروضاتها في ثوب الثروة التي لا حد لها - الذي هو في الحقيقة ثوبها الصحيح - فيوطد في العقول، تقديرها لتلك الثروة تقديرا رفيعا؛ ويقر في القلوب ثقتها غير المتناهية في مقدرتها على القيام بجميع تعهداتها المالية، مهما بلغت قيمتها، وأية كانت مواعيد تحقيقها.

ولوثوقه من ذهاب السلطان عبد العزيز، أيضا، إلى زيارة ذلك المعرض، كان يريد أن يغتنمها فرصة ثمينة، لبذر بذور الإصلاح القضائي الدائر في خلده، والمقصود منه القضاء على القيد الثالث المقيدة به البلاد؛ أي: قيد الامتيازات الأجنبية.

فلدأبه، من جهة، على إزالة القيد الثاني؛ ولرغبته، من جهة أخرى، في الظهور أمام الملأ الأوروبي - ليسهل عليه نجاح مقاصده - في مظهر رسمي منيف، يستوقف الأنظار ويوجب الاحترام لشخصه، أكثر مما لو كان مرتديا لباس وال، لا تميزه عن باقي ولاة السلطنة العثمانية إلا بعض ميزات خصيصة به، طفق يعمل على نيل لقب يشعر بأن صاحبه، إن لم يكن في مصاف الإمبراطرة والسلاطين والملوك، فلا يقل عنهم كثيرا. على أن يكون نيله إياه مصحوبا بحصوله على امتيازات تجعل حقيقة المنصب على نسبة سمو تسميته المبتغاة.

فشرع يخابر الأستانة، بوسائله المعتادة، في أمر منحه ذلك اللقب؛ وأقبل ينفق المال من سعة، ويكثر من الجود والهدايا النفيسة السنية إلى السلطان ووزرائه والمقربين لديه، مجتهدا في استصدار فرمان يخوله التلقب بلقب «العزيز» وهو المطلق في القرآن الشريف على وزير فرعون على مصر، راغبا جدا فيه، وشيقا إلى إحرازه.

فدارت المخابرات بشأنه طويلة ومتعبة، بين البلاطين؛ واستمرت مدة بين أخذ ورد؛ ولكنها لاقت في سبيلها عقبتين، لم يمكن التغلب عليهما مطلقا:

الأولى:

أن لقب «العزيز» خص به (يوسف بن إسرائيل) دون غيره من وزراء الفراعنة؛ وأن ما خص به نبي لا يصلح إطلاقه البتة على فرد من الأفراد، مهما كانت درجته رفيعة.

Bog aan la aqoon