210

Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Noocyada

31

ثم أبرم في 22 فبراير سنة 1866 اتفاق آخر مع الشركة لخص فيه فرمانا (سعيد) وكل ما تلاهما من اتفاقيات بين (إسماعيل) والشركة، وما حكم به نابوليون، وما ذكر في اتفاق 30 يناير السابق ، ليأخذ الكل شكلا نهائيا تصادق عليه حكومة الأستانة، كطلبها، فحفظ (إسماعيل) فيه لحكومته الحق في أن يشرف البوليس المصري على عموم الترعة البحرية، وتوابعها وملحقاتها، ليقر الأمن، ويقيم حدود الشرائع والقوانين فيها، كما أنه حفظ حق مرور المواصلات، والتجارة، والناس جميعا، بدون دفع أي رسم كان، في النقط التي تختارها حكومته على ضفاف الترعة؛ ولاعتبار الشركة مصرية، ولو أنها مؤلفة من عناصر دولية، اتفق معها على أن يكون الفصل في المنازعات الناشئة بين أفرادها، والخاصة بتكوينها، فقط من اختصاص المحاكم الفرنساوية، والفصل، فيما عدا ذلك من المنازعات، من اختصاص المحاكم المحلية دون غيرها.

32

وكان الباب العالي قد ماطل جدا، بتأثير الدوائر الرسمية البريطانية الخفي في الأستانة، في منح التصديق المطلوب على فرماني (سعيد)، بالرغم من إنذار أرسله إليه الإمبراطور نابوليون الثالث، بناء على إلحاح دي لسبس، ولكنه اتفق أن فؤادا باشا، الصدر الأعظم، كان يتعالج في جنوب فرنسا، لما حلت ركاب الإمبراطور بمرسيليا، في ذهابه إلى الجزائر، متفقدا، فهب فؤاد إلى مقابلته ولكن الإمبراطور أعرض عنه، ولم يلتفت إليه، ولا رد له سلامه، فاضطرب لذلك الصدر الأعظم، واستفهم عن السبب، فرد عليه بكلمة واحدة: «فرمان»، فما انقضى أسبوع واحد إلا وصدر، في 2 ذي الحجة سنة 1282 / 19 مارس سنة 1866، فرمان التصديق على اتفاقية 22 فبراير سنة 1866 السابق ذكره، وقد قال دي لسبس في هذا الصدد: «لقد صدق المثل العربي القائل: «أوقية خوف أفيد من قنطار صداقة!»

33

وفي 23 أبريل سنة 1869 أبرم (إسماعيل) آخر اتفاقاته في سبيل استعادة آخر حقوق دولته السيادية الباقية في يد الشركة، فنزع بمقتضاها منها، مقابل مبلغ عشرون مليون فرنك، حق إعفاء مستورداتها من الخارج من الضرائب الجمركية؛ وألزمها بأن تدفع، على مراكبها وسفنها المأخرة في مياه ترعة الإسماعيلية، الرسوم التي تدفعها المراكب والسفن المصرية؛ وأن تخضع للوائح المسنونة؛ وأن تتنازل للحكومة المصرية عن القيام بخدمة البريد والتلغراف، لها وللجمهور، غير حافظة لنفسها إلا تلغرافا خاصا بخدمتها الداخلية؛ وأن تتخلى للحكومة عينها عن رسوم الصيد في الترعة والبحيرات؛ وتشركها، بواقع النصف ، في الانتفاع بأثمان الأراضي التي تبيعها الشركة من الأطيان التابعة لها، والخاصة بها، طبقا لنصوص المعاهدات السابقة؛ وأن تتنازل لها، مقابل عشرة ملايين أخرى من الفرنكات، عن كل المستشفيات المقامة على البرزخ بمشتملاتها، وجميع المنازل والمباني المملوكة لها، في رأس الهيش، والقنطرة، وبحيرة البلح، وفردان، والجسر، والورشة نمرة 6 وجبل مريم، وطوش، والسرابئوم، وجنيفا، وشالوف، والكيلومتر نمرة 14 من سهل السويس؛ وعن محاجر المكس ومينائه، ومشتملات الاستغلال فيه؛ وعن مخازنها ومحلاتها في بولاق ودمياط، خالية من كل نزاع ومحظور! وتنازلت الحكومة للشركة عن قطعيات (كوبونات) أسهمها، البالغ عددها 176604، ابتداء من أول يناير سنة 1870 إلى أن تستوفي الشركة منها مبلغ الثلاثين مليونا من الفرنكات التي أصبحت الحكومة مدينة به لها بموجب هذه الاتفاقية.

بهذه الكيفية، وهذه الوسائل، وببذله جميع هذه الأموال، تمكن (إسماعيل) من كسر القيد الخماسي الحلقات الذي غل به فرمانا الامتياز الممنوح من سلفه إلى فردينان دي لسبس وشركة قناة السويس ساعدي حكومته، وسلباها جانبا عظيما من سلطتها واستقلالها.

فلما تم له ما سعى إليه، أقبل، وهو منشرح الصدر، على مساعدة الشركة المساعدة الكلية، حتى مكنها من إنجاز عملها، وإبرازه إلى العالم يختال في حلله البهية، وأخذ على نفسه القيام بافتتاح الترعة افتتاحا يخلد ذكره في بطون السطور، وصدور الأجيال؛ ويؤكد للملأ أن (إسماعيل) كان أكبر الناس تقديرا لجلالة العمل الذي تمجد به ملكه، وسيأتي بيان ذلك الافتتاح في حينه.

الفصل الثاني

إزالة القيد الثاني1

Bog aan la aqoon