Taariikhda Masar xilligii Khediw Ismaaciil Basha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Noocyada
فقال السير بلور في نفسه: «إننا إذا نزعنا الأمير (محمد سعيد) من إمارة مصر، حبط المشروع برمته من تلقاء ذاته، بسبب زوال مانح امتيازه!»
وانفتق ذهنه في الحال، إلى تدبير وسيلة للوصول إلى ذلك.
فاتفق مع الحكومة العثمانية على أن يقوم السلطان عبد المجيد لزيارة بيروت، ويدعو الأمير (محمد سعيد) إلى مقابلته فيها، فلا يسعه إلا أن يجيب الطلب، فلما يلقي بنفسه بين يدي الحكومة العثمانية، يقبص عليه، ويشهر تمرده، ويعلن خلعه، ويولى غيره، ثم يطالب دي لسبس بالتوقف عن العمل، لبطلان الأساس القائم ذلك العمل عليه؛ وأعني به حق الامتياز الممنوح من أمير عد من متبوعه متمردا، لإقدامه على منحه إياه.
فوافقت الحكومة العثمانية على ذلك؛ وأرسلت بريطانيا العظمى عمارة بحرية إلى مياه الإسكندرية لمساعدتها على تنفيذ المتفق عليه (23 يولية سنة 1859).
ولكن الانتصارات المتوالية التي أحرزتها الجيوش الفرنساوية المحاربة في إيطاليا لتحرير هذا الإقليم من نير النمساويين، رفعت من شأن فرنسا، وزادت في هيبة نفوذها إلى حد أن كلمتها أصبحت العليا في أوروبا، وأن لندن والأستانة لم تعودا تجسران على تنفيذ الخطة التي رسمتها مخيلة السير بلور للتخلص من مشروع ترعة السويس، فأهمل السلطان أمر سفره إلى بيروت - على أننا رأينا أن (محمد سعيد) قد زارها في تلك السنة عينها - وأقلعت العمارة البريطانية من مياه الإسكندرية.
غير أن ذلك لم يقعد الحكومة الإنجليزية عن معاكسة القناة؛ وما زال السير بلور بالباب العالي حتى حمله على إرسال مندوب يدعى مختار بك إلى الأمير (محمد سعيد باشا) يحمل إليه الأمر السلطاني بإبطال الأعمال الجارية في البرزخ (أكتوبر سنة 1859).
فعقد الأمير في حيرته جمعية من قناصل الدول العامة المقيمين بالإسكندرية، وعرض الأمر عليهم، فدهشوا كلهم ولم يحيروا جوابا؛ لأن دولهم بأجمعها - ما عدا إنجلترا - كانت موافقة على المشروع، مستحسنة له.
وإذا بالمسيو ساباتييه، القنصل الفرنساوي العام، لحزازات نجمت بينه وبين رجال المشروع عن كيفية تشكيل مجلس إدارة الشركة، قام وأعلن موافقته على مطالب الأستانة، في وسط الاستغراب والبهت العامين.
فلم ير الأمير، حينذاك، بدا من الإذعان إلى الأمر، وأخذ يفكر في كيفية إعلان صديقه دي لسبس به.
ولكن دي لسبس علم بما جرى في حينه، وهب لتلافي النكبة الموشكة أن تحل به، فرفع الأمر، مباشرة، إلى الإمبراطور نابوليون الثالث، ووسط لديه الإمبراطورة أوچيني قرينته - وكان بينها وبين صاحب مشروع الترعة، صلة رحم - وطلب التأثير على حكومة الأستانة، تأثيرا يحملها على إلغاء الأوامر التي زودت مختار بك بها، وعزل ساباتييه، أو نقله إلى قنصلية الإسكندرية، فأجابه الإمبراطور إلى طلباته كلها، فتداخل لدى الباب العالي تداخلا فعالا، كان الصدر الأعظم علي باشا يبتغيه من صميم فؤاده، ليتمكن من الاستناد عليه في مخالفته لرغائب السفير البريطاني، وإبطال الأوامر التي حملها مختار بك إلى الإسكندرية ، وعزل ساباتييه عزلا باتا.
Bog aan la aqoon