Masar Bilowgii Qarniga Sagaalaad
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Noocyada
وثمة سبب آخر، ذكره «سانت مارسيل» لتعليل هذه العلاقات النشيطة بين الإنجليز ومحمد علي، هو رغبة الأولين في العودة إلى احتلال الإسكندرية، أو امتلاكها بموافقة الباشا، فكتب في 10 فبراير 1808: «أنه علم من أخبار موثوق بصحتها، أن الإنجليز عرضوا على محمد علي باشا اثني عشر ألف كيس لقاء موافقته على إعطائهم الإسكندرية، ولكن الباشا الذي أغضبه هذا الاقتراح، لم يلبث أن أجاب بأنه مصمم على الدفاع عنها، ولن يسلمها إلا مرغما بقوة السلاح، وليس لقاء أي مبلغ من المال يعرض عليه.» واعتقد «سانت مارسيل» أن هذا الرفض من جانب محمد علي من شأنه أن يقضي بالفشل على مفاوضات الإنجليز وقتئذ، وسوف يترتب عليه أن يخصص هؤلاء قسما من أسطولهم للجولة في المياه المصرية، يعطل الملاحة، بل ويوقف حتى سير القوارب بين الإسكندرية ورشيد، وذلك في الوقت الذي كان رحيل الأسطول الإنجليزي آنئذ من بحر الأرخبيل قد بدأ يمكن السفن العثمانية من الملاحة بحرية بين سالونيك وخانيا (في كريت)، وأزمير ورودس، وبين الإسكندرية، وساعد جلب مختلف السلع والغلات على إنعاش الحركة التجارية بالإسكندرية بعض الشيء.
وكان مبعث اقتراح الإنجليز على محمد علي إعطاءهم الإسكندرية، خوفهم من غزو الفرنسيين لهذه البلاد، ورغبتهم في احتلال الإسكندرية حتى يستطيعوا منع نزول الفرنسيين بها؛ أي نفس السبب الجوهري الذي دعاهم إلى إرسال حملة «فريزر» للاستيلاء عليها من قبل، فقد كان الغرض من مجيء الإبريق الإنجليزي إلى الإسكندرية في 18 يناير، على نحو ما تبين «سانت مارسيل» هو إبلاغ محمد علي أن الفرنسيين ينوون الحضور قريبا إلى مصر بقوات عظيمة، ونصحه بضرورة وضع حاميات كبيرة في المواقع التي على الشاطئ لمقاومة هؤلاء عند مجيئهم ومنع نزولهم، ومحاولة إقناعه بقبول عدد من الجند البريطانيين في الإسكندرية لمساعدته في الدفاع عنها، ولكن الباشا - كما ذكر «سانت مارسيل» في كتابه إلى حكومته في 21 فبراير - رفض هذا الاقتراح الأخير، مستندا في ذلك إلى أن لديه من الجند ما يكفي لتعزيز الحاميات بالشاطئ الشمالي، وأنه لا حاجة له إلى أية مساعدة أجنبية لتحقيق هذه الغاية.
وواقع الأمر أن الباشا كان قد بدأ يهتم بتحصين الإسكندرية أثناء إقامته بها بعد جلاء الإنجليز عنها في شهر سبتمبر من العام السابق، ثم إنه لم يلبث أن شرع بعد ذلك في بناء أسوار جديدة حول المدينة، في موضع أسوارها القديمة من أيام العصور الوسطى، وعني الباشا بأن تكون هذه على نمط الأسوار التي أنشأها الجنرال «منو» وقت حصار الإنجليز للإسكندرية (1801)، وكانت التحصينات التي أقامها الفرنسيون في جهة باب رشيد قد صارت متهدمة، ولكن الخنادق التي حفروها كخطوط للدفاع من باب رشيد إلى قناة الإسكندرية من ناحيتها الشرقية كانت لا تزال باقية، وأما القلعتان اللتان أقامهما هؤلاء داخل أسوار الإسكندرية: قلعتا «كريتان»
Crétin
و«كفاريللي»
Cafarelli
فقد كان العطب الذي أصابهما قليلا، وكذلك الطابية المثلثة
Triangulaire
إلى الجنوب الشرقي، والأخرى القريبة من نيكروبوليس
Necropolis
Bog aan la aqoon