228

Masar Bilowgii Qarniga Sagaalaad

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

Noocyada

وقد كشف عن هذا الجانب السري من المفاوضات الجنرال «فريزر» في رسالة له بعث بها إلى الجنرال «مور» من «مسينا» في 16 أكتوبر، جاء فيها ما نصه: «أرجو أن تسمحوا لي بأن أبسط لكم ليكون موضع نظركم فحوى محادثة جرت بين باشا مصر والميجور جنرال «شربروك» والكابتن «فيلوز» أثناء قيامهما بمهمتهما لدى سموه، ولدي ما يجعلني أعتقد، من هذه المحادثة ومن اتصالات خاصة كثيرة أخرى كانت لي معه، بأنه جاد وصادق فيما يقترحه.

لقد أبدى محمد علي باشا والي مصر، رغبته في أن يضع نفسه تحت الحماية البريطانية، ووعدنا بإبلاغ مقترحاته إلى الرؤساء في قيادة القوات البريطانية؛ كي يقوم هؤلاء بإبلاغها إلى الحكومة الإنجليزية للنظر فيها.

ويتعهد محمد علي من جانبه بمنع الفرنسيين والأتراك، أو أي جيش تابع لدولة أخرى من الدخول إلى الإسكندرية لغزوها من طريق البحر، ويعد بالاحتفاظ بالإسكندرية وامتلاكها كصديق وحليف لبريطانيا العظمى، ولكنه لا مناص له من انتظار أن تعاونه إنجلترة بقواتها البحرية إذا وقع هجوم عليه من جهة البحر؛ لأنه لا يملك سفنا حربية.

ويوافق محمد علي باشا في الوقت نفسه على تزويد كل السفن البريطانية التي تقف على بعد من الإسكندرية بما قد تحتاج إليه من ماء النيل عند إعطائها إشارة - يصير الاتفاق عليها - تدل على ذلك، فينقل الماء عندئذ إلى السفن التي تطلبه في قنجات، يحضرها الباشا لهذا الغرض، ولما كان من المرغوب فيه أن يجري نقل الماء إلى السفن في ظلام الليل، فلا ينتظر حدوث ذلك في غير الأوقات التي تكون فيها حالة الجو طيبة.

ويجب أن يكون مفهوما أنه بمجرد أن يتم إخلاء الجنود البريطانيين للإسكندرية، يبدأ بأسرع وقت ممكن إنزال أسرى الحرب إلى السفن وإبحارهم، وأنه عندما يتأكد لدى الرؤساء في قيادة القوات البريطانية أن جميع أسرى الحرب، ثم من أمكن العثور عليه من أسرى الحرب الذين بيعوا كرقيق، قد أنزلوا إلى السفن، يقوم هؤلاء الرؤساء بإرجاع الأشخاص الذين سلمهم الباشا إليهم كرهائن في أمن وسلام، وإذا حدث أن أحدا من أسرى الحرب، أو الذين بيعوا كرقيق قد اعتنق الإسلام، ثم أراد البقاء في البلاد، فله أن يفعل ذلك، ولكنه يجب أن يستجوب مثل هؤلاء فيما يتعلق بإسلامهم ورغبتهم في البقاء شخص يعينه الرؤساء في قيادة القوات البريطانية - وبحضور أحد ضباط الباشا - فإذا أعلن عندئذ أنه إنما أراد ذلك بمحض اختياره، فلن يطلب البريطانيون استرجاع مثل هذا الرجل.

وتسلم الإسكندرية إلى كتخدا بك عندما تكون آخر طائفة من الجند البريطانيين قد صارت على وشك الإبحار من الإسكندرية، ويسمح لعدد كاف من جند الباشا بالمرور من القطع بين المعدية ومريوط؛ لتمكينه من توطيد سلطته والمحافظة على الأمن والسلام في الإسكندرية.

ويقوم الرؤساء في قيادة القوات البريطانية بإسداء كل مساعدة؛ لتمكين هؤلاء الجنود من عبور القطع بجلب السفن إلى هذا المكان، وإذا اتضح أن هناك صعوبة في الحصول على عدد كاف منها، يسمح للسفن التي تأتي بأسرى الحرب إلى بوغاز رشيد بالذهاب إلى القطع للقيام بهذه المهمة.»

وواضح من كل هذه المسائل التي ذكرها «فريزر» أن الباشا قد عني بشيئين: عقد محالفة دفاعية مع الإنجليز، وتعجيل جلاء هؤلاء عن الإسكندرية حتى يتسنى له دخولها بكل سرعة والاطمئنان إلى امتلاكها نهائيا.

وإذا كان الإنجليز لم يشاءوا عقد محالفة دفاعية مع محمد علي ضد الأتراك والفرنسيين أعدائهم وأعدائه على السواء، وأن يكونوا بمعنى آخر الأداة التي يستطيع بها محمد علي في هذه المرحلة المبكرة من حياته السياسية الطويلة، أن ينتزع من الباب العالي الاستقلال الذي يصبو إليه، وأن يتمتع بالوضع الذي أراده مشابها لذلك الذي كان لوجاقات الغرب، فقد حقق الغرض الآخر والمباشر الذي هدف إليه، وهو امتلاك الإسكندرية، فوضع بذلك الأساس الأول لتوطيد سلطانه في ولايته، ثم التفرغ بعد ذلك لإدراك استقلاله سواء تم له هذا الاستقلال في نطاق الدولة العثمانية أو بالانفصال عنها كلية.

وأما الخطوة التالية لإبرام اتفاق دمنهور، فكانت التهيؤ لدخول الإسكندرية. (6) الإسكندرية في حوزة محمد علي

Bog aan la aqoon