Masar Bilowgii Qarniga Sagaalaad

Maxamed Fu'aad Shukri d. 1392 AH
180

Masar Bilowgii Qarniga Sagaalaad

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

Noocyada

الذي بادر بنقل تفاصيل هذه المعركة إلى السفير الإسباني في القسطنطينية في 3 أبريل، ويذكر «دالمينارا» أن الهجوم وقع على رشيد في الساعة السادسة والدقيقة الخامسة والأربعين من صبيحة يوم 31 مارس وأن القتال استمر مدة ساعتين، وأن علي بك السنانكلي بعد هزيمة الإنجليز وتقهقرهم قد عامل الأسرى معاملة طيبة، وعني بتضميد جروح الجرحى منهم، وأما القتلى فقد أرسلت رءوسهم إلى القاهرة، ويذكر «دروفتي» في رسالة له إلى «سباستياني» من القاهرة في 3 أبريل أن عدد الأسرى الذين وصلوا إلى القاهرة كان أربعين عدا أسير فرنسي يدعى «جيرار»

Gérard

أخذ معهم، وعدد الرءوس المقطوعة مائة وعشرون رأسا، وأن الأرنئود استدرجوا الإنجليز إلى داخل البلدة، وأن هؤلاء الأخيرين لم يكن معهم فرسان لاعتماد الحملة عند خروجها من صقلية على فرسان المماليك الذين توقعوا أن يجدوهم على قدم الاستعداد للانضمام إليهم والاشتراك معهم في عملياتهم العسكرية عن وصولهم إلى الإسكندرية، وكان من رأي «دروفتي» أن هذه الهزيمة سوف تعطل مشروع الإنجليز الذي يرمي إلى الاتصال بالمماليك، ثم إنها سوف تتيح الفرصة لمحمد علي للمفاوضة بنجاح مع البكوات من جهة، وتقوية حامية رشيد من جهة أخرى، ناهيك عن الأثر العظيم الذي سوف تحدثه في الرأي العام، وفي الجند العثمانيين خصوصا من حيث تعزيز ثقتهم بأنفسهم.

وأما الجنرال «فريزر» فقد نقل خبر هذه الكارثة إلى وزير الحربية «وندهام» في 6 أبريل، في كتاب حاول فيه إلقاء تبعة إرسال الحملة على رشيد على كاهل «مسيت» الذي قال «فريزر»: إنه أكد له أن عدم الاستيلاء على رشيد والرحمانية ينطوي على مجازفة خطيرة هي تعريض الإسكندرية للمجاعة، كما أن «فريزر» أشرك معه السير «جون داكويرث» في تحمل مسئولية إرسال هذه الحملة عندما قال: إن ذلك كان بموافقته، وقد تحدث «فريزر» عن أسباب الهزيمة فقال: «إن جنودنا احتلوا مرتفعات أبو منضور - التي تسيطر على المدينة - دون خسارة، ولكنه بسبب ظروف لم يمكن تفسيرها حتى الآن، وجد القائد «ووكوب» لسوء الحظ ما أغراه بالدخول إلى المدينة بجميع قواته، بدلا من الاحتفاظ بمركزه في أبو منضور، ومن غير أن يستكشف المكان سلفا، مما أدى إلى تعريض الجنود للضرب بقسوة من المنافذ، وسطوح البيوت، ودون أن يستطيعوا حتى رؤية العدو، مما ترتب عليه أنه رئي من الحكمة إصدار الأمر لهم بالانسحاب لا سيما وأن الجنرال «ووكوب» كان قد قتل، والقائد التالي له في القيادة الجنرال «ميد» كان قد أصيب بجرح بليغ.» ثم استطرد «فريزر» يذكر آثار هذه الهزيمة السيئة فقال: إن فشل هذه الحملة وانسحابها إلى الإسكندرية كان كارثة غير متوقعة ، وبخاصة لأن كل المعلومات التي لديه كانت قد جعلته يعتقد أنه إذا حدثت أية مقاومة فإنها سوف تكون تافهة ولا قيمة لها، فضلا عن جميع الاحتياطات التي قد تشير إليها الحكمة كان قد أوصى باتخاذها؛ ولذلك فليس هناك ما أعزو إليه هذه الخسائر الجسيمة التي تكبدناها إلا ما زهر من شغف وولوع عظيمين لسوء الحظ، بالسماح للجنود بدخول المدينة قبل استكشافها كما ينبغي مقدما، ووضع الجنود لذلك تحت تسلط العدو وسيطرته، وهو عدو لا يخشى بأسه عند الالتحام معه في ميدان مكشوف، ولكنه يصبح مبعث أخطار جسيمة للغاية إذا هوجم في موضع يفيد منه يقينا ويتلاءم تماما مع أساليب قتاله كذلك الوضع الذي وجد فيه.

أما هذه الهزيمة التي لحقت بالإنجليز في رشيد فقد طار نبؤها إلى الإسكندرية في 31 مارس؛ أي يوم المعركة ذاتها، كما وصلت أخبارها القاهرة أول ما وصلت يوم 3 أبريل، وكان لنبأ هذه الهزيمة وقع عظيم في الإسكندرية والقاهرة معا، ضد صالح الإنجليز، الذين أصيبت سمعتهم بسببها بضربة ماحقة. (8) محمد علي في القاهرة

سجل الشيخ الجبرتي الأخبار التي وردت إلى القاهرة يوم 3 أبريل عن هزيمة الإنجليز في رشيد، ثم تحدث عن أثرها في دمنهور فقال: «وكان كاشفها عندما بلغه ما حصل برشيد من انهزام الإنجليز، اطمأن خاطره ورجع بعد أن كان قد غادرها في الظروف التي مر ذكرها إلى ناحية ديبي ومحلة الأمير وطلع بمن معه إلى البر وصادف شرذمة من الفارين الإنجليز من رشيد إلى ناحية دمنهور فقتل بعضهم، وأخذ ما بقي منهم أسرى، وأرسلوا السعاة إلى مصر (القاهرة) بالبشارة، فضربوا مدافع وعملوا شنكا وخلع كتخدا بك على السعاة الواصلين.» وقد ذكرنا كيف خرج الناس للفرجة على الأسرى ورءوس القتلى عند وصول هؤلاء الأسرى وهذه الرءوس المقطوعة إلى القاهرة يوم 5 أبريل.

ومع أن يوسف عزيز قد أكد بعد ذلك عند سؤاله في «مسينا» في 20 أكتوبر 1807 عن الأثر الذي أحدثته هزيمة الإنجليز في رشيد في 31 مارس بأن أهل القاهرة قد صاروا يقولون علنا إن الجيش الذي هاجمها لم يكن مؤلفا من الإنجليز، وأنهم عرفوا جيدا عند وصول الأسرى إلى القاهرة كيف يميزون أن معظم هؤلاء كانوا من الأجانب، وأن كل أولئك الذين رأوا يوسف عزيز وقتذاك من القاهريين قد أكدوا له أن شعب مصر قد حزن أكثر مما حزن الإنجليز أنفسهم لهذه الهزيمة التي أصابتهم، ولكنه؛ أي شعب مصر يجد تعزيته في رجائه أن الجيش الإنجليزي سوف يعمد إلى إصلاح الخطأ الذي ارتكبه، وأنه سوف يحتل قريبا القاهرة، وتذاع الإشاعات يوميا بأن الإنجليز قد وصلتهم نجدات عظيمة حتى يرهبوا الأرنئود، ويحملوهم على مغادرة البلاد، فالثابت أن أخبار هذه الهزيمة قد أحيت معنوية القاهريين، وأزالت الوهم الذي كان مستوليا عليهم، وأثارت حميتهم وجعلتهم يهتمون بالدفاع عن مدينتهم؛ وذلك لأن أحدا من الناس ما كان يعتقد أنه يسهل الانتصار على جيش أوروبي مزود بأكمل الأسلحة وأحدثها، ولكن مشاهدة الأسرى وفيهم فسيال كبير وآخر كبير في السن، وهما راكبان على حمارين، والبقية مشاة في وسط العسكر الذين جاءوا بهم، ثم أولئك الذين خرجوا لاستقبالهم عند وصولهم إلى ساحل بولاق ورءوس القتلى معهم على نبابيت، وقد تغيرت وأنتنت رائحتها - قد نهض دليلا على أن هزيمة الإنجليز أمر يسهل إحرازه، ولا ينبغي لذلك أن يخشى الناس بأسهم.

وقد ظهر أثر هذه الهزيمة أكثر ما ظهر في مسلك السيد عمر مكرم والمشايخ عموما، فقد نبه الأول - في اليوم نفسه 5 أبريل - على الناس وأمرهم بحمل السلاح والتأهب للجهاد في الإنجليز حتى مجاوري الأزهر، وأمرهم بترك حضور الدروس، وكذلك أمر المشايخ المدرسين بترك إلقاء الدروس، وفي هذا اليوم أيضا تزايد اطمئنان الناس، وتزايدت همة عمر مكرم والمشايخ عندما وصل عابدين بك وعمر بك وأحمد أغا لاظ أوغلي من الصعيد وأشيع وصول الباشا بعد يومين، ثم لم تلبث أن وصلت إلى بولاق يوم 6 أبريل جملة من الرءوس والأسرى، فطلعوا بهم على الرسم المذكور وعدتهم مائة رأس وإحدى وعشرون رأسا وثلاثة عشر أسيرا وفيهم جرحى، وقد مات أحدهم على بولاق، فقطعوا رأسه ورشقوها مع الرءوس على النبابيت وشقوا بهم من وسط المدينة آخر النهار.

ثم إن رجال الحكومة والمشايخ لم يلبثوا أن عقدوا اجتماعا ببيت القاضي يوم 7 أبريل حضره حسن باشا وعمر بك والدفتردار وكتخدا بك «طبوز أوغلي» وعمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ الأمير وسائر المشايخ، وقال الشيخ الجبرتي: «إنهم تكلموا في شأن حادثة الإنجليز والاستعداد لحربهم وقتالهم وطردهم، فإنهم أعداء الدين والملة، وقد صاروا أيضا أخصاما للسلطان، فيجب على المسلمين دفعهم، ويجب أيضا أن يكون الناس والعسكر على حال الألفة والشفقة والاتحاد، وأن تمتنع العساكر عن التعرض للناس بالإيذاء كما هو شأنهم، وأن يساعدوا بعضهم بعضا على دفع العدو، ثم تشاوروا في تحصين المدينة وحفر خنادق، فقال بعضهم إن الإنجليز لا يأتون إلا من البر الغربي، والنيل حاجز بين الفريقين، وإن الفرنساوية كانوا أعلم بأمر الحروب، وإنهم لم يحفروا إلا الخندق المتصل من الباب الجديد إلى البر، فينبغي الاعتناء بإصلاحه ولو لم يكن كوضعهم وإتقانهم؛ إذ لا يمكن فعل ذلك، واتفقوا على ذلك.»

ولما كان حاكم رشيد علي بك السنانكلي يتوقع أن يستأنف الإنجليز هجومهم على رشيد، فقد بعث يطلب هو وأحمد بك المعروف ببونابرتة الخازندار النجدة من القاهرة، ووصل كتابهما يوم 7 أبريل، وفيه يقولان: «إن الإنجليز لما حضروا إلى رشيد وحصل لهم ما حصل من القتل والأسر ورجعوا خائبين حصل لباقيهم غيظ عظيم، وهم شارعون في الاستعداد للعود والمحاربة، والقصد أن تسعفونا وتمدونا بإرسال الرجال والمحاربين والجبخانة بسرعة وعجلة، وإلا فلا لوم علينا بعد ذلك، وقد أخبرناكم وعرفناكم بذلك.» ويحمل هذا الكتاب تاريخ 3 أبريل.

Bog aan la aqoon