وجمعت أسيس الأشلاء وصارت تدفنها شلوا بعد شلو في بلاد مصر، ومن هنا السبب في أن للرب أوزوريس قبورا مختلفة متعددة في أنحاء مصر. •••
هذه أسطورة الرب أوزوريس كما رواها كتاب الإغريق، وقد وجد في معبد دندرة ما يؤيدها، وتزيد الآثار على ذلك بأن الرب رع هو الذي يجمع أشلاء أوزوريس والربة أسيس هي التي تنفخ فيه الحياة فيحيا ولكن في العالم الثاني.
وتمثال أوزوريس لهذا السبب يصنع بهيئة المومياء أي الجثة المحنطة الملففة بالأقمشة، وعلى رأسه تاج وفي يده صولجان، وكان كل ميت عند المصريين القدماء يسمى أوزوريس وكان كل ميت يكتب له الخلود ما دام محنطا. •••
هذه خلاصة القصة أو الأسطورة، وهي تدل على أن أوزوريس كان ملكا له تاج وصولجان، وأنه قتل لأنه خشي عليه من الشيخوخة أو المرض إذ هو الذي يحدث الخصوبة في الأرض فما دام شابا فهو قادر على إحداث الخصوبة، أما إذا أسن وشاخ فإن القحط يصيب الأرض، وإذن قتل لكي يتولى مكانه شاب آخر.
أما أن أشلاءه دفنت في أمكنة مختلفة في أنحاء مصر فذلك لاعتقاد آخر وهو أنه كان يتجسد في الزرع، وقد سرت هاتان العقيدتان في أنحاء العالم من مصر؛ أي قتل الملوك والتضحية البشرية بدفن أشلائها في أمكان مختلفة لكي تتجسد في الزرع، وقد ذكر المؤرخ المصري مانيتو (أيام البطالسة) أن أسلافه كانوا يضحون كل عام برجل أصهب الشعر (في لون القمح) أيام الحصاد حتى يكثر المحصول، وكان المصريون في حصاد القمح ينوحون ويولولون، وهذا مستغرب لأول وهلة لأن وقت الحصاد يجب أن يكون وقت فرح، ولكن هذا النواح كان معللا بقتل الرب أوزوريس الذي يمثله الرجل الأصهب.
وربما تكون «عروس النيل» أي التمثال الذي يصنع على هيئة إنسان ثم يلقى في النيل يمثل أوزوريس من حيث إنه رب الزراعة إذ كان يوضع في رأس هذا التمثال عود من الذرة.
حكم أمينوموب
معظم الأمثال والحكم الشائعة عند الأمم القديمة ومعظم الأساطير تعود إلى أصل مصري صريح أو منقح؛ فإن الكلمة العربية التي اختلف فيها بعض الكتاب وهي «القتل أنفى للقتل» قد أثبت الأستاذ عبد القادر حمزة أنها مصرية قديمة، وقصة الطوفان التي روتها التوراة حافلة بالألفاظ المصرية التي تنم عن أصلها حتى لفظة الطوفان نفسها مصرية وليست عبرية، وكثير من قصص هوميروس اليوناني يعود إلى أصل مصري، وفي حكم أمينوموب التي تعود إلى القرن العاشر قبل الميلاد نرى أن إدراك المصريين للضمير والشخصية قد بلغ القمة، ونعني هذه الحكم التي ترجمت إلى العبرانية وكانت ينبوعا عظيم الخطر لكتاب الأمثال، ومقابلة بسيطة لحكم أمينوموب وللأمثال التي تعزى إلى سليمان الحكيم تتبين لنا هذه الحقيقة في وضوح وجلاء:
حكم أمينو موب
الأمثال
Bog aan la aqoon