Mishkalat Al Thaqafa
مشكلة الثقافة
Baare
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Daabacaha
دار الفكر
Lambarka Daabacaadda
١٤٢٠هـ = ٢٠٠٠م ط٤
Goobta Daabacaadda
دمشق سورية
Noocyada
واختلاف هذه الآراء جميعًا ناشئ عن تفسير العلاقة المتبادلة، سواء تقدم في تحديد هذه العلاقة- أي في تحديد الثقافة- جانب الفرد أم جانب المجتمع، جانب الفكرة أم جانب الشيء؛ فإذا ما فصلنا هذه الأمور وقدمنا واحدًا من بينها على ما سواه، انتهى بنا المطاف إلى نظريات عرجاء تحجل ولا تستطيع المشي؛ ولقد يحدث أن ينتهي المطاف إلى معارك بين المدارس المختلفة، تحاول فيها النظرية التي تعرج بيمناها أن تزدري قرينتها التي تعرج بيسراها .. وهكذا.
إن من العسير أن نصل إلى تمييز موضوعي بين دور الفكرة ودور الشيء في ظاهرة التثقيف، إذ أننا ندرس عامة هذه الظاهرة في مرحلتها الحركية، أي في الحالة التي تكون فيها عناصرها مندمجة في حركة متواصلة، وفي هذه الحالة يصبح من العسير أن نحدد أيًا من العناصر كان سببًا في الحركة.
فالحكم في هذا الموقف العسير يصحبه دائمًا نوع من التطرف والغلو، الذي يظهر في صورة نزعة إقليمية ثقافية.
وعلى هذا نستطيع أن نتصور عملية التثقيف في مرحلتين متميزتين: المرحلة الحركية (الديناميكية) والمرحلة الساكنة (الاستاتيكية) التي تسبق المرحلة الديناميكية مباشرة، ولسنا نهتم هنا إلا بتلك المرحلة الأولى.
فالفكرة والشيء إذن مرتبطان ومتعاونان تعاون الذراع والعجلة في الآلات التي تغير حركة أفقية إلى حركة دائرية: فالذراع هو الفكرة، والعجلة هي الشيء.
والذراع هو ولا شك العضو المحرك، ومعلوم أنه لا يستطيع أن يتجاوز ما يطلق عليه (النقط الميتة) في حركته، إذا لم تساعده العجلة على اجتيازها بفضل ما لديها من طاقة مختزنة.
1 / 44