Mirqat Mafatih
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Daabacaha
دار الفكر
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
قَالَ الطِّيبِيُّ: عَطَفَ عَلَى " اسْتَقِيمُوا " عَلَى الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ، لِأَنَّ مَفْهُومَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُقَرِّرُ مَنْطُوقَ الْآخَرِ وَبِالْعَكْسِ (وَفَوْقَ ذَلِكَ): عَطْفٌ عَلَى: وَعِنْدَ رَأْسِ الصِّرَاطِ، وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ الصِّرَاطُ أَوِ الدَّاعِي (دَاعٍ يَدْعُو، كُلَّمَا هَمَّ عَبْدٌ) أَيْ: قَصَدَ وَأَرَادَ (أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا) أَيْ: قَدْرًا يَسِيرًا (مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ) أَيْ: سُتُورِهَا.
قَالَ الطِّيبِيُّ: كُلَّمَا ظَرْفٌ يَسْتَدْعِي الْجَوَابَ وَهُوَ: قَالَ اهـ. وَالضَّمِيرُ فِي (قَالَ): رَاجِعٌ إِلَى الدَّاعِي (وَيْحَكَ): زَجْرٌ لَهُ عَنْ تِلْكَ الْهِمَّةِ، وَهِيَ كَلِمَةُ تَرَحُّمٍ وَتَوَجُّعٍ تُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، يَعْنِي ثُمَّ اسْتُعْمِلَ لِمُجَرَّدِ الزَّجْرِ عَمَّا هَمَّ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ (لَا تَفْتَحْهُ) أَيْ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ أَيْ سُتُورِهَا. وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَبْوَابَ مَرْدُودَةٌ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ سَابِقًا " أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ ": غَيْرُ مُغْلَقَةٍ اهـ. وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ (فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ) أَيْ: تَدْخُلْهُ يَعْنِي: لَا تَقْدِرُ أَنْ تَمْلِكَ نَفْسَكَ وَتُمْسِكَهَا عَنِ الدُّخُولِ بَعْدَ الْفَتْحِ. (ثُمَّ فَسَّرَهُ) أَيْ: أَرَادَ تَفْسِيرَهُ (فَأَخْبَرَ: أَنَّ الصِّرَاطَ هُوَ الْإِسْلَامُ): وَهُوَ طَرِيقٌ مُسْتَقِيمٌ وَالْمَطْلُوبُ مِنَ الْعَبْدِ الِاسْتِقَامَةُ عَلَيْهِ (وَأَنَّ الْأَبْوَابَ الْمُفَتَّحَةَ مَحَارِمُ اللَّهِ): فَإِنَّهَا أَبْوَابٌ لِلْخُرُوجِ عَنْ كَمَالِ الْإِسْلَامِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَالدُّخُولِ فِي الْعَذَابِ وَالْمَلَامَةِ (وَأَنَّ السُّتُورَ الْمُرَخَاةَ حُدُودُ اللَّهِ): قَالَ الطِّيبِيُّ: الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَمَحَارِمِ اللَّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة: ١٨٧] اهـ.
وَالظَّاهِرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ السُّتُورِ الْأُمُورُ الْمَسْتُورَةُ غَيْرُ الْمُبَيَّنَةِ مِنَ الدِّينِ الْمُسَمَّاةُ بِالشُّبْهَةِ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِ " حَوْلَ الْحِمَى " فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ. (وَأَنَّ الدَّاعِيَ): وَفِي نُسْخَةٍ: وَالدَّاعِي بِالرَّفْعِ (عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ هُوَ الْقُرْآنُ، وَأَنَّ الدَّاعِيَ مِنْ فَوْقِهِ) أَيْ: فَوْقِ الصِّرَاطِ أَوْ مِنْ فَوْقِ الدَّاعِي الْأَوَّلِ (هُوَ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ لَمَّةُ الْمَلَكِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، وَاللَّمَّةُ الْأُخْرَى هِيَ لَمَّةُ الشَّيْطَانِ اهـ. أَيِ: الَّتِي أَثَرُهَا الْهَمُّ، وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: وَالْهَمُّ لَمَّةُ الشَّيْطَانِ. (رَوَاهُ رَزِينٌ) . أَيْ: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ (وَرَوَاهُ أَحْمَدُ) .
١٩٢ - وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أَخْصَرَ مِنْهُ.
ــ
١٩٢ - (وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنِ النَّوَّاسِ): بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (ابْنِ سِمْعَانَ): بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا، وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، كِلَابِيٌّ سَكَنَ الشَّامَ، وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْهُمْ، رَوَى عَنْهُ جُبَيْرُ بْنُ نَفِيرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الْخَوْلَانِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ. (وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ) أَيْ: رَوَى عَنِ النَّوَّاسِ (إِلَّا أَنَّهُ): أَيِ: التِّرْمِذِيُّ (ذَكَرَ أَخْصَرَ مِنْهُ) . أَيْ: مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، أَوْ أَخْصَرَ مِمَّا ذَكَرَ غَيْرُهُ.
1 / 273