Mirqat Mafatih
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Daabacaha
دار الفكر
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
بِمَنْزِلَةِ كِتَابٍ أَتَاهُ عَنْ مَوْلَاهُ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً، وَالنَّبِيُّ رَسُولٌ أَتَاهُ بِالْكِتَابِ الْمُبِينِ لِيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ جَاهَدَ أَعْدَاءَهُ وَقَهَرَهُمْ وَاسْتَعَانَ بِالْعَقْلِ وَسَلَّطَهُ حُمِدَ إِذَا عَادَ إِلَى حَضْرَتِهِ وَهُوَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ، وَمَنْ ضَيَّعَ ثَغْرَهُ وَأَهْمَلَ رَعِيَّتَهُ وَصَرَفَ هَمَّهُ إِلَى تَفَقُّدِ مَرْكُوبِهِ، وَأَقَامَ سَائِسَ الْمَرْكُوبِ مَقَامَ خَلِيفَةِ رَبِّهِ، فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ. (رَوَاهُ)، أَيِ: الْبَغَوِيُّ (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ)، أَيْ: بِإِسْنَادِهِ (وَقَالَ النَّوَوِيُّ): بِالْقَصْرِ وَيَجُوزُ مَدُّهُ (فِي أَرْبَعِينِهِ)، أَيِ: الْأَرْبَعِينَ حَدِيثًا الَّذِي صَنَّفَهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَيْنَاهُ): بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ وَقِيلَ مَجْهُولٌ (فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ)، أَيْ: فِي اتِّبَاعِ الْمَحَجَّةِ اسْمُ كِتَابٍ لِأَبِي الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْأَصْفَهَانِيِّ التَّيْمِيِّ (بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ) .
١٦٨ - وَعَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي، فَإِنَّ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ أُجُورِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً لَا (يَرْضَاهَا) اللَّهُ وَرَسُولُهُ، كَانَ عَلَيْهِ (مِنَ الْإِثْمِ) مِثْلُ آثَامِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ (أَوْزَارِهِمْ) شَيْئًا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
١٦٨ - (وَعَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ)، وَفِي نُسْخَةٍ: حَارِثٌ (الْمُزَنِيُّ): أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَدَنِيٌّ، سَكَنَ بِالْإِسْتِعْرَى وَرَاءَ الْمَدِينَةِ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ الْوَقَّاصِ، مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَلَهُ ثَمَانُونَ سَنَةً. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ أَحْيَا سُنَّةً)، أَيْ: مَنْ أَظْهَرَهَا وَأَشَاعَهَا بِالْقَوْلِ أَوِ الْعَمَلِ (مِنْ سُنَّتِي): قَالَ الْأَشْرَفُ: ظَاهِرُ النَّظْمِ يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ مِنْ سُنَنِي، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ اهـ. فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ، أَيْ: طَرِيقَةً مِنَ الطُّرُقِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَيَّ وَاجِبَةً أَوْ مَنْدُوبَةً أُخِذَتْ عَنِّي بِنَصٍّ أَوِ اسْتِنْبَاطٍ، كَمَا أَفَادَهُ إِضَافَةُ سُنَّةٍ إِلَى الضَّمِيرِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعُمُومِ (قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي)، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ: تُرِكَتْ تِلْكَ السُّنَّةُ عَنِ الْعَمَلِ بِهَا يَعْنِي مَنْ أَحْيَاهَا مِنْ بَعْدِي بِالْعَمَلِ بِهَا أَوْ حَثَّ الْغَيْرَ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا (فَإِنَّ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ)، أَيِ: الثَّوَابِ الْكَامِلِ (مِثْلَ أُجُورِ مَنْ عَمِلَ بِهَا)، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يَشْمَلُ بِإِطْلَاقِهِ الْعُمَّالَ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ وَبَعْدِهِ، وَفِيهِ أَنَّ شُمُولَهُ لِمَا قَبْلَ الْإِحْيَاءِ فِي غَايَةٍ مِنَ الْبُعْدِ (مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ): مُتَعَدٍّ وَيُحْتَمَلُ اللُّزُومُ (مِنْ أُجُورِهِمْ): مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: مِنْ أُجُورِ مَنْ عَمِلَ بِهَا فَأَفْرَدَ أَوَّلًا رِعَايَةً لِلَفْظِهِ وَجَمَعَ ثَانِيًا لِمَعْنَاهُ (شَيْئًا): مَفْعُولٌ بِهِ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِاعْتِبَارِ الدَّلَالَةِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْحَثِّ وَلِلْعَامِلِينَ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ، فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ حَتَّى يُتَوَهَّمَ أَنَّ حُصُولَ أَحَدِهِمَا يَنْقُصُ الْآخَرَ (وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً): يُرْوَى بِالْإِضَافَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ نَعْتًا وَمَنْعُوتًا وَهِيَ مَا أَنْكَرَهُ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ كَالْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا وَقَيْدُ الْبِدْعَةِ بِالضَّلَالَةِ لِإِخْرَاجِ الْبِدْعَةِ الْحَسَنَةِ كَالْمَنَارَةِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ (لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ): صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلضَّلَالَةِ أَوِ احْتِرَازِيَّةٌ لِلْبِدْعَةِ (كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ)، أَيِ: الْوِزْرِ (مِثْلُ آثَامِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ)، أَيْ: ذَلِكَ الْإِثْمُ (مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا):
1 / 256