الصلاة والسلام تكلم بها لما عبر الفرات فارًّا من نمرود والحاصل كما قال النوويُّ: أنه تمكن في دين النصارى وكتابهم، وتصرف حتَّى صار يكتب الإنجيل إن شاء بالعربية، وإن شاء بالعبرانية (١)، على الروايتين، قيل: فهم من الحديث أن الإنجيل عبراني، ورُد بأنه ليس كذلك، وإنما هو سرياني، والعبراني إنما هو التوراة. (يا ابن عم) هو ابن عمها حقيقة، ورواه مسلم "أيْ عمِّ" (٢) وهو مجاز جعلته عمًّا تعظيمًا وتوقيرًا لعادة العرب في خطاب الصغير للكبير.
(ابن أخيك) تعني النبيَّ ﷺ، والمعنى: ابن [أخي] (٣) جدك ففيه: مجاز الحذف، أو مجاز التشبيه؛ لأن جد ورقة الثالث أخو جدِّ النبي ﷺ الرابع، وإنما عبرت بذلك تعظيمًا له، واستعطافًا له، (الناموس) هو جبريل، وأصله: صاحب سر الخير ضد الجاسوس، يقال: نمست بفتح الميم، أنمس بكسرها أي: كتمت، ونامسته: ساررته. (على موسى) لم يقل على عيسى، مع أن ورقة تنصر تحقيقًا للرسالة؛ لأن نبوة موسى متفقٌ عليها عند أهل الكتابين، بخلاف نبوة عيسى فإن كثيرًا من اليهود ينكرونها؛ ولأن كتاب موسى مشتمل على أكثر الأحكام، وكذا كتاب نبينا ﷺ، بخلاف كتاب عيسى فإنه أمثال ومواعظ على أن الزبير بن بكار رواه عيسى. (يا ليتني) يا للتنبيه (٤) كألا في نحو:
(١) "صحيح مسلم بشرح النووي" ٢/ ٢٠٣.
(٢) "صحيح مسلم" (١٦٠) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ.
(٣) من (م).
(٤) هذا مذهب جماعة من النحويين -قيل هم الكوفيون- يجعلون (يا) للتنبيه إذا وليها أحد خمسة أشياء، هي: الأمر، والدعاء، وليت -كما في الحديث-