205

Minhaj Tasis Wa Taqdis

منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس

Daabacaha

دار الهداية للطبع والنشر والترجمة

إلى هذه القصيدة وما فيها، وقابلها مع قول البوصيريّ:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به البيتين.
وقد صرّح في البيت الثاني إن مقصوده الشفاعة يوم القيامة بجاهه ﷺ مع أنه صادق، كما في البخاري وغيره، وفي تفسير قوله تعالى: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الاسراء: من الآية٧٩] إنّه الشّفاعة العظمى.
والجواب أن يقال:
شيخ الإسلام ﵀ لم يتعرض شعر الصرصري في هذا النقل لا بمدح ولا بذم، وإنما أثنى على نفس الصرصري، وحكى عنه هذه المقالة، ولا يلزم من مدح شخص وحمده من جهة أن يكون ممدوحًا محمودًا من كل جهة، بل لا يلزم من الحكم عليه بالإسلام أو الإيمان أن لا يحكم عليه بما يوجب نقص إيمانه، وخلل إسلامه، ويقتضي تأثيمه ببعض السيئات، وعقابه عليها.
وقد ذكر الشيخ أن شعر يحيى الصرصري وقع فيه من الغلو والإطراء ما لا ينبغي أن يصدر مثله في حق مخلوق، وأنكر على من استغاث بغير الله أو دعاه.
قال الشيخ ﵀ في رده على ابن البكري في مسألة الاستغاثة: "وأنه حرف الكلم عن مواضعه، وتمسك بمتشابهه، وترك المحكم، كما يفعله النصارى، وكما فعل هذا الضال - يعني ابن البكري - أخذ لفظ الاستغاثة، وهي تنقسم إلى الاستغاثة بالحي وإلى الاستغاثة بالميت. والاستغاثة بالحي تكون فيما يقدر عليه، فجعل حكم ذلك كله واحدًا ولم يكفه حتى جعل السؤال بالشخص من مسمى الاستغاثة، ولم يكفه ذلك حتى جعل الطالب منه إنما طلب من الله لا منه فالمستغيث به مستغيث بالله، ثم جعل الاستغاثة بكل ميت من نبي وصالح جائزة، فدخل عليه الخطأ من وجوه:
منها أنه جعل المتوسل به بعد موته في دعاء الله مستغاثًا به. وهذا لا يعرف في لغة أحد من الأمم، لا حقيقة ولا مجازًا، مع دعواه الإجماع على ذلك؛ فإن المستغاث به هو المسؤول المطلوب منه لا المسؤول به.

1 / 209