242

Minhajka Ardayda

منهج الطالبين

Noocyada

والدليل، على أنه تعالي ليس بجسم مؤلف من جواهر؛ إذ الجسم عبارة عن المؤتلف من الجوار، فلما بطل كونه جوهرا مختصا متحيزا بطل كونه جسما؛ لأن كل جسم لابد أن يكون بتحييز مركب من جوهرين، فصاعدا، والجوهر، والجسم: يستحيل حلولهما عن الحوادث من الافتراق، والاجتماع، والحركة، والسكون، والهيئات، والمقدار، فهذه دلائل الحدث، تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا.

والدليل على أنه تعالي ليس بعرض قائم في الجسم، أو حال في محل: لأن العرض؛ هو ما يحل في الجسم، أو يعترض فيه من حركة وسكون؟ فكل جسم حادث، ومحدثه موجود قبله، فكيف يكون حالا في جسم ، وقد كان في الأزل، ولا شيء معه موجود، ثم أحدث الأجسام، والأعراض، ويتحصل من هذه الأصول: أنه موجود قائم بنفسه، ليس بجوهر، ولا بجسم، ولا عرض، وأن العالم كله جوهر، وأعراض، وأجسام، فإذن هو لا يشبه شيئا، ولا يشبهه شيء، لاستحالة مماثلة الصانع، والمصنوع.

والدليل على أن الله تعالي منزه عن الاختصاص بالأمكنة، والجهات؛ لأن الجهة: إما فوق، وإما أسفل، وإما يمين أو شمال، أو قدام، أو خلف، وهذه الجهات التي هو خلقها، وأحدثها، ولو اختص بجهة منها لكان متحيزا محدودا؛ كاختصاص الجواهر، والأجسام، وتحيزها بالأمكنة، والجهات، وقد ثبت استحالة كونه جسما؛ أو جواهر، فاستحال كونه مختصا بجهة.

فمن زعم أنه مختص بجهة فوقية: قيل له: لو كان فوق العالم بجهة لكان محاذيا له، وكل محاذ بجسم: لابد أن يكون مثله، أو أصغر منه، أو أكبر، وكل ذلك تقدير يخرج إلى مقدر. تعالي عنه الواحد المدبر.

وأما رفع الأيدي عند السؤال إلى جهة السماء فهو لأنها قبلة للدعاء، فيه أيضا إشارة إلى ما هو وصف للمدعو من الجلال، والكبرياء؛ تنبيها بقصد جهة العلو، إلى صفة المجد، والعلاء فإنه تعالي فوق كل موجود بالقهر، والاستيلاء.

Bogga 245