وإن قال: الله أعلم بإخلاص من نيته، وردا منه للعلم إلي عالمه، وطلب السلامة لنفسه إلي أن يوهم السائل له- أمرا يدخل عليه ما قد كره له من ذلك فلا بأس به- إن شاء الله-.
وقيل: إذا أفتي العالم- ولم يقل الله أعلم- أصيبت مقاتله، قال الشاعر:-
ومن كان يهوي أن يري متصدرا وبكره: لا أدري- أصيبت مقاتله
وقال أبو سعيد (رحمه الله): من تشجع بعلم كمن تورع بعلم.
فصل:
عن أبي سعيد (رحمه الله) في آخر جواب له، فهذا: ما فتح الله لي مما حضرنى من جواب ما سئلت عنه مع ضعفي، وقلة بصيرتي، إلا ما فتح الله، ووفق، ولو حسن الاعتذار- لكان أولي من بمثلي مما يخاف عليه التكاليف، والخطأ، والزلل، ولكن لم نر مع الاضطرار وجه اختيار، والله الموفق للصواب.
فتدبر- أخي- جمع ما كتبت به إليك، وأجبتك به، وتدبره حرفا حرفا، ولا يمنعك عن الاجتهاد في النظر فيه- حسن ظن، ولا اتكال علي، ولا تقليد، فإن ذلك كله لا يسعني، ولا يسعك.
وإنما يجوز قبول الحق لا غيره من أمين، ولا خائن، فإن وافق ذلك الحق- فاقبله، ويمسك به، وإن خالف الحق، فإنه من الشيطان، وأعوانه من الإنس، والجن، يوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول غرورا، وإن لم يبن لك صوابه، ولا خطؤه- فاعرضه علي آثار المسلمين، وأهل البصر منهم، فما وافق الآثار، وصح مع ذوي الأبصار- فهو ولا شك- أنه من الحق، وما خالف الآثار، وخالف رأي ذوي الأبصار- فدعه، فإنه طريق النار، نعوذ بالله من النار.
وفي آخر جواب لأبي علي الحسن بن أحمد (رحمه الله) انظر في ذلك، ولا تأخذ إلا بما وافق الحق، والصواب، والعدل. وتأمل ما كتبت به إليك، فإن كان فيه زلل، أو غلط، فأصلحه، فإني كتبته- ولم أقرأه، ولم أتأمله.
وعنه- أيضا- في الذي يسأل عن أمر دينه، فيصل إليه الجواب، وفيه: لا تأخذ منه إلا ما وافق الحق، والصواب، فليس هذا مما يمنعه مما أجابه به الفقيه، إذا كان المجيب ممن تؤخذ عنه الفتيا.
Bogga 110