يَوْمَ الْقِيَامَةِ دِرْعًا مِنْ جَرَبٍ، وَسِرْبَالًا مِنْ قَطِرَانٍ.») (١)، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: («مَنْ يُنَحْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا يُنَحْ عَلَيْهِ» .) (٢)، وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ.
وَهَؤُلَاءِ يَأْتُونَ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ، وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَغَيْرِ
_________
(١) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ ﵁ مَعَ حَدِيثٍ آخَرَ قَبْلَهُ فِي: مُسْلِمٍ ٢/٦٤٤ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ التَّشْدِيدِ فِي النِّيَاحَةِ) وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: " أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. " وَالْحَدِيثُ الثَّانِي نَصُّهُ: " النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ١/٥٠٣ - ٥٠٤ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ فِي النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ)؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٥/٣٤٢ - ٣٤٣. وَذَكَرَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ ١/٤٠٥ حَدِيثًا بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ وَجَاءَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَيْهِ مَا يُبَيِّنُ ضَعْفَهُ.
(٢) هَذَا الْحَدِيثُ جَاءَ فِي (أ)، (ب) قَبْلَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَفِيهِمَا: مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ. . بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ. وَالْحَدِيثُ جَاءَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ فِي: الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ٢/١٨٦ - ١٨٧ وَفِيهِ ". . بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر الْحَدِيثَ. وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: " مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبْ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ " عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ﵁ (وَجَاءَ مُطَوَّلًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ) فِي: الْبُخَارِيِّ ٢/٨٠ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ) وَأَوَّلُهُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ " مُسْلِمٌ ٢/٦٤٤ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ الْمَيِّتِ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ)؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ ٢/٢٣٤ - ٢٣٥ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ النَّوْحِ)؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٤/٢٤٥ - ٢٥٢. وَأَطَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ ٦/٢٢٨ - ٢٢٩ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَأَمْثَالِهِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: " وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَتَأَوَّلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى مَنْ وَصَّى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ وَيُنَاحَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ، فَهَذَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَنَوْحِهِمْ لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوبٌ إِلَيْهِ: قَالُوا: فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَنَاحُوا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْهُ فَلَا يُعَذَّبُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ١٦٤] . قَالُوا: وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ: إِذَا مُتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ قَالُوا: فَخَرَجَ الْحَدِيثُ مُطْلَقًا حَمْلًا عَلَى مَا كَانَ مُعْتَادًا لَهُمْ.
1 / 54