[سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ٧٩ - ٨٠] (١) فَإِذَا كَانَ مَنْ يَتَّخِذُ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا بِهَذِهِ الْحَالِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَّخِذُ إِمَامًا مَعْدُومًا لَا وُجُودَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٣١] .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي التِّرْمِذِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ [حَدِيثِ] «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ [أَنَّهُ] قَالَ (٢): يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَبَدُوهُمْ، فَقَالَ: (إِنَّهُمْ أَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ، وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمُ الْحَلَالَ، فَأَطَاعُوهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ عِبَادَتَهُمْ إِيَّاهُمْ» .) (٣) فَهَؤُلَاءِ اتَّخَذُوا أُنَاسًا (٤) مَوْجُودِينَ أَرْبَابًا، وَهَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ مُعَلَّقًا بِالْإِمَامِ الْمَعْدُومِ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ، ثُمَّ يَعْمَلُونَ بِكُلِّ مَا يَقُولُ (٥) الْمُنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ (٦) إِنَّهُ يُحَلِّلُهُ، وَيُحَرِّمُهُ، وَإِنْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَإِجْمَاعَ سَلَفِ الْأُمَّةِ حَتَّى أَنَّ طَائِفَتَهُمْ
_________
(١) آيَةُ ٨٠ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ لَيْسَتْ فِي (ن)، (م) .
(٢) ن، م: عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ.
(٣) فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ٤/٣٤١ - ٣٤٢ (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ التَّوْبَةِ) عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) قَالَ: " أَمَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ ". " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، وَغُطَيْفِ بْنِ أَعْيَنَ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي الْحَدِيثِ ".
(٤) م: نَاسًا.
(٥) ن: بِمَا يَقُولُ.
(٦) ب: الْمُثْبِتُونَ.
1 / 48