============================================================
77 د ربع العبادات (تاب العله بيان شرف العقل من جهة المعنى بيان شرف العقل أمر ظاهر؛ لأن العقل منبع العلم ومطلعه وأساسه، والعلم يجري منه مجرى الثمرة من الشجرة، والنور من الشمس، وكيف لا يشرف ما هو وسيلة السعادة في الدنيا والآخرة، وكيف يشك في ذلك والبهائم تحترم العاقل لشعورها بفضله واحتياله، ولذلك ترى الأتراك والأكراد وأخلاف الخلق مع قرب رتبتهم من البهائم يوقرون المشايخ بالطبع، وقد تبين آثار العقل على وجه العاقل فيصير له بذلك سمث وسيما، ولهذا أذعن كثير من المعاندين لرسول الله بنفس رؤيته، وقال عبد الله بن سلام: لما رأيثه علمث آن وجهه ليس بوجه كذاب.
بيان حقيقة العقل وأقسامه اختلف الناس في خده وحقيقته، وذهل الأكثرون عن كون هذا الاسم ينطلق بالاشتراك على أربعة معان، كما يطلق اسم العين مثلأ على معان عدة وما يجري هذا المجرى، فلا ينبغي آن يطلب لجميع أقسامه حد واحد بل يفرد كل قسم بالكشف عنه: فالأول: الوصف الذي به يفارق الإنسان البهائم، وهو الذى به استعد لقبول العلوم النظرية وتدبير(1) الصناعات الخفية الفكرية، وهو الذي أراده الحارث المحاسبي حين قال في حد العقل: إنه غريزة يتهيا بها درك العلوم النظرية، وكأنه نور يقذف في القلب، به يستعد لإدراك الأشياء.
والشاني: ما وضع في الطباع من العلم بجواز الجائزات واستحالة المستحيلات، كالعلم بأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الشخص الواحد لا يكون في مكانين، وهذا الذي عناه بعضهم بقوله في حد العقل: إنه بعض العلوم الضرورية، وهو صحيح في نفسه؛ لأن هذه العلوم موجودة، وتسميتها عقلا ظاهر، وإنما الفاسد أن ثنكر تلك الغريزة، ويقال: لا موجود إلا هذه العلوم.
(1) سقطت من (ظ):
Bogga 77