============================================================
128ك منهاج القاصدين وشفيد الصادهين أحدهما: كراهيته رفع اليد عن المال، وشدة ذلك على النفس، وذلك يضيق الخلق.
والثاني: رؤيته أنه خير من الفقير، وأن الفقير بسبب حاجته أنزل رتبة منه، وكلا الأمرين منشؤه الجهل، أما كراهة تسليم المال فهو حمق لوجهين: أحدهما أن المنعم بالمال قد طلب منه شيئا يسيرا، فلا وجه للبخل عليه، والثاني: أن المضاعفة واقعة بالمبذول، فالتوقف في البذل مع تيقن كثرة الربح خمق، وأما احتقار الفقير فجهل إذ الفضل ليس بالمال ولا النقص بعدمه.
السادسة: أن يستصغر العطية، فإن المستعظم للفعل معجث به والعجب مفسد، وقد قيل: لا يتم المعروف إلا بثلاث: تصغيره وتعجيله وستره. ووجه استصغار العطية من أمرين: أحدهما: أن يرى قلة المفروض في كثير المال.
والثاني: أن يستحيي لإعطاء أخيه ما لا بد منه، ويخجل كيف لا يعطيه ما يتبرع به.
السابعة: أن ينتقي من ماله أحله وأجوده وأحبه إليه.
أما الحل، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا يقبل الله صدقة من غلول"(1) .
وأما الأجود: فقد قال عز وجل: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة: 267] وينبغي أن يلاحظ في هذا أمرين: أحدهما: حق الله سبحانه بالتعظيم له، فإنه أحق من اختير له، ولو أنه قدم إلى ضيفه طعاما رديا لأوغر صدره، وقد قال تعالى: ويجملوت لله ما يكرهوب [النحل: 62].
(1) أخرجه مسلم (224)، والترمذي (1)، وابن ماجه (272)، وأحمد (5205) وأبو يعلى 5614)، وابن آبي شيبة 4/1 - 5 من حديث ابن عمر.
Bogga 168