97

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

والرابعة: طريقه الأولى كاستدلالنا على أنه تعالى لا يفعل القبيح بكونه عالما بقبح القبيح، وغنيا عن فعله وعالما عن استغنائه عنه، فإن هذه الأوصاف تمنع من فعل القبيح في الشاهد، وإن كان الشاهد عالما بعلم غبيا بشيء عن شيء، فأولى وأحرى في حق من يستحقها لذاته، ولهذا سمعت طريقه الأولى.

واعلم أنه قد يطلق على الكل علة الحكم لحصول الشبه المتقدم، ولا مضايقة في العبادات إذا فهم المعنى، وهذه الطرق عليها مدار كثير من أصول /66/ الدين، وقد قدح فيها أهل الإلحاد على ما تقدم، وبايعهم من أهل الإسلام المجبرة وغيرهم ممن أحسن الظن بهم، ولم يفهم ما أرادوا به، فالله المستعان.

فصل

وأما الركن الثالث وهو أن محدثها ليس إلا الفاعل المختار جل وعز، فقد خالف فيه من تقدم ذكره من الفلاسفة القائلين بالعقول والأنفس والباطنية القائلين بالسابق والتالي، وأهل الطبع وأصحاب النجوم.

لنا أنها إما (1) أحدثت نفسها أو غيرها، والأول باطل لأنها حالة العدم يستحيل أن تقدر فصلا عن أن تؤثر في نفسها وحالة الوجود يستغني عن المؤثر، وأن أحدثها غيرها فهو إما مختار كما يقول أو موجب، وهو باطل؛ لأن ذلك الموجب إن كان محدثا عاد الكلام فيه وفي محدثه حتى ينتهي إلى المختار، وإن كان قديما أو معدوما لزم حصول الأجسام لم يزل لاستحالة تأخر المعلول عن العلة، ولزم أن يحصل دفعة واحدة، بل في كل الجهات؛ لأنه لا يخصصها بوقت دن وقت وجهة دون جهة، إلا المختار ولزم أن يكون بصفة واحدة؛ لأنه ليس بعضها بأن يوجب كون الماء ماء والطين طينا أولى من العكس، ولا بأن يوجب كون الماء طينا والطين يابسا أولى من العكس.

Bogga 100