345

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

وثالثها: بمعنى الحكم والتسمية، يقال: أضل فلان فلانا أي حكم عليه بذلك وسماه به كقوله: (ما زال يهدي قومه ويضلنا) البيت. وكقول الكميت:

فطائفة قد أكفروني بحبكم .... وطائفة قالوا مسيء ومذنب

ومنه قوله تعالى: {أتريدون أن تهدوا من أضل الله}.

ورابعها: بمعنى الوجدان والمصادقة، يقال: أصللت فلانا، أي وجدته ضالا كما يقال: أجبنته وأنجلته، أي وجدته كذلك، وعليه قوله تعالى: {وأضله الله على علم} أي وجده وقد حمل أيضا على معنى الحكم والتسمية، وعلى معنى العذاب.

وخامسها: أن يفعل ما عنده ويضل ويضيفه إلى نفسه مجازا لأجل ذلك كقوله تعالى: {يضل به كثيرا} أي يضل عبده كثير وإن جاز أن تحمل هذه الآية على معنى يحكم فيه بضلال كثير.

وسادسها: أن يكون من ضل المتعدية وتزاد الهمزة للتعدية إلى مفعول ثان، فتصير متعدية إلى اثنين نحو: أضله الطريق، ومنه قوله تعالى: {وأضلونا السبيلا}، وقوله تعالى: {ليضل عن سبيله} بالضم، وإن كاد ليضلنا عن آلهتنا ونحو ذلك، وهذا هو الإضلال بمعنى الأعق أو هو محل الخلاف بيننا وبين المجبرة، وليس في القرآن ولا في السنة شيء مضاف إلى الله تعالى بهذا المعنى، فلا يكون للخصوم في السمع شبهة قط.

فصل

ذهب أهل العدل إلى أن الله تعالى لم يضل عباده عن الدين ولا خلق فيهم الضلال.

وقالت المجبرة: إن الله هو المغوي عن الدين، المضل عن الرشد المانع عن سواء السبيل، وإن كل ضلال هو فاعله.

ودليلنا: اللغة والمعنى والعقل والسمع، أما اللغة فلم ترد لفظة أضل بمعنى خلق الضلال ولا لفظة هدى بمعنى خلق الهدى، وبعد فمن حمل غيره على سلوك طريق خيرا لا يقال هداه إليها، وكذلك من صرف غيره عن طريق خيرا لا يقال أضله عنها.

وأما المعنى فهو أنه لا خلاف بيننا وبينهم أن التكليف لا يصح إلا مع البيان.

Bogga 351