334

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

قلنا: لو كان كذلك لكنتم أيضا قدرية؛ لأنكم تثبتون القدرة لله تعالى، وأكثرهم يثبت القدرة للعباد، وإن زعم أنها موجبة، وكان يلزم أن يكون الله قدريا؛ لأنه اثبت القدرة لنفسه.

على أن اسم المشتق من إثبات القدرة قدري بضم القاف والخبر ورد بفتحها.

وبعد، فهم يلهجون بالقدر في كل قضية، وقد جرت عادت أهل اللغة بأن من أكثر اللهج بشيء سمي به كما يقال تمري لبني لمن أكثر اللهج بذلك.

وأما من جهة المعنى فهو أن النبي عليه السلام ذمهم ونهى عن مجالستهم وحكم بأنهم شهود إبليس وخصماء الرحمن وشبههم بالمجوس فسبيلنا أن ينظر في معاني هذه الأطراف، أما الذم فوجدناهم أحق به؛ لأنهم أضافوا إلى الله تعالى كل قبيح من ظلم وعبث وسفه وتكليف ما لا يطاق والإضلال عن الدين ونحو ذلك مما لو نسبته لأحدهم لأنف منه ونفاه عن نفسه.

ونحن نقول: إن الله عدل حكيم متنزه عن كل نقص في الذات والفعل منعم على كل الخلق، له الحجة على المكلفين.

على أنا قد بينا فساد مذهبهم ولا ذم في المذهب أبلغ من فساده.

وأما النهي عن المجالسة فنظرنا فوجدنا في مجالستهم من المفسدة ما لا يخفى، أما أولا فلأنهم يغرون بالمعاصي ويسهلونها بقولهم ما قدره الله كان وما لم يقدره لم يكن، فلا وجه للصبر عن المعصية والتحفظ /224/ منها.

وأما ثانيا فلأنهم يؤيسون من رحمة الله وعدله لتجويزهم أنه يعذب من غير ذنب، وأنه خلق خلقا للنار، فلا تنفعهم الطاعة، وآخرين للجنة فلا تضرهم المعصية، فلا تسكن نفس مطيع بطاعة ولا تخاف نفس عاص من معصية.

وأما ثالثا فلأنهم أساءوا الثناء على الله تعالى بقولهم: كل قبيح وفساد من قبله وأحسنوا الثناء على العصاة بقولهم: لا حيلة لهم.

وأما كونهم شهود إبليس وخصماء الرحمن فلأن الله تعالى إذا قال لإبليس ما منعك أن تسجد ولم كفرت فتقول: أنت: يا رب منعتني من السجود، وقضيت علي بالكفر، فهو منسوب إليك ونسبته إلي كذب لا صحة له ولاحجة لك علي.

Bogga 340