308

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

يوضحه أنه لو لم يكن لهم عمل لكان عمل(1) إبراهيم عليه السلام ممهدا لعذرهم بمنزلة من يقول لفاعل القبيح أنت لم تفعله، وإنما فعله غيرك، وثالثها: أن الله تعالى جعل العلة في توبيخهم أن الأصنام مخلوقة فلو كانت أفعالهم مخلوقة لزال معنى هذا التعليل وصار الكلام كله /206/ لا معنى له، إذا ثبت هذا فالمعنى يعبدون أصناما ينحتونها والله خلقكم وخلق تلك الأصنام التي تعملونها فكيف تعبدون مخلوقا مثلكم لا يضر ولا ينفع، وقوله: {وما تعملون} أي وما تعملون فيه كما يقال عمل النجار بابا أي عمل في الباب، وكما يقال فلان يعمل الثياب أي يعمل فيها، وقال تعالى: {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل والمراد يعملون في المحاريب لأن المحاريب أجسام وهي غير مقدورة، ولا مكتسبة وبهذا يستقيم المعنى ويزول التناقض ويوافق العقل ومحكم الكتاب واللغة وتظهر فائدة الكلام وتقوم الحجة على الكفار، يزيده وضوحا أنهم عبدوا المنحوت لا النحت فدل على أن المراد بقوله ينحتون أي ينحتون فيه وإلا كان التقدير تعبدون نحتكم وهاهنا إلزام لا يجدون عنه انفصالا فيقال لهم: هل جعل الله آلهة تعبد من دونه، فإن قالوا: نعم، جعلها، قيل فما معنى قوله: {أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} وإن قالوا: لم يجعلها، قلنا: إذا كان خلق الأصنام وخلق نحتها حتى صيرها أصناما وخلق فيهم عبادتها وتسميتها آلهة واعتقاد استحقاقها للعبادة فكيف يقال لم تجعل آلهة تعبد وهل الجعل أكثر من ذلك ثم إذا لم يجعلها فمن جعلها؟ وأي معنى لهذا الإنكار وكيف يكون جعلها.

ومنها قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} قالوا: والعجل فعل العجلان.

Bogga 314