298

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

واعلم أن هذا شيء أورده الفلاسفة في حدوث العالم، وتحقيق الجواب عليه وعليهم أن يقول أما أفعال الساهي والنائم فلا تتوجه فيها هذه الشبهة على أصل الجمهور؛ لأنها لا تحتاج إلى داع، ومتى قيل فما المخصص للفعل على الترك مع أن نسبة القادرية إليهما على سواء. قلنا: يجوز أن يكون المخصص هو القادر به، وإن كانت معهما على سواء كما سيتضح، ويجوز أن يكون المخصص هو القصد؛ لأن الصحيح خلاف ما يقوله أصحابنا في إحتياجه إلى العلم، بل إنما يحتاج إلى الاعتقاد أو الظن، وذلك صحيح في حق الساهي والنائم، وأما أفعال العالم المميز لفعله، فمسلم أنها لا توجد إلا لداع، لكن من سلم له أن الداعي هو المؤثر في الفعل وأن وقوع الفعل عنده على جهة الإيجاب أو ليس صريح مذهب خصومه أن المؤثر في الفعل هو القادر وأن وقوع الفعل عند الداعي على جهة الجواز، ولو أطلقوا لفظ الوجوب فإنما هو وجوب /200/ استمرار لا وجوب تأثير، وكيف والدواعي من قبيل الاعتقادات والظنون التي لا تأثير لها في الإيجاد، وقوله: أنه إذا كان على سبيل الجواز افتقر إلى مرجح آخر غير مسلم، ولا صحيح؛ لأن أحدنا متى دعاه الداعي إلى الأكل وعنده رغيفان مستويان، وليس له إلا أحد أحدهما، فإنه يأخذ أحدهما لا لمرجح مع استواء الداعي إليهما ومع جواز أن يأخذ الآخر، وكذلك الملجأ إلى الهرب إذا عن له طريقان، وكذلك العطشان إذا حصل له كوزان على سواء، وكذلك من بين يديه طبق تمر فإنه يأخذ واحدة واحدة من دون مرجح لها على ما يساويها.

وقد أجاب الرازي بهذا على الفلاسفة في أول كتاب الأربعين، فما باله صادر عليه هنا وحرره شبهة لو صحت لبطل الصانع.

Bogga 304