Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Noocyada
والجواب: أنا نحمده تعالى على مقدمات الإيمان من الأقدار والتمكين والتوفيق وهو تعالى يحمدنا على فعله كما صرح به في قوله: {فأولئك كان سعيهم مشكورا}، وقوله: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه}، وصار الحال في حمدنا له تعالى على الإيمان كالحال في الوالد إذا اجتهد في تخريج ولده وحسن تأديبه حتى يبدو صلاحه، فإنه يقال: هذا من أبيه والمراد أنه تقدم من أبيه من العناية والرعاية ما كان سببا في ذلك.
ومثل هذا يقع الكلام في ذم من وضع غيره في النار محرق ونحو ذلك، فإن الذم لا يقع على الإماتة بل على سببها.
طريقة أخرى، سمعية: وإنما استدللنا بالسمع هنا وإن كان العلم بصحته يقف على العلم بهذه المسألة استظهارا على الخصوم وإلزاما لهم لموافقتهم في أنه دلالة، ولأنهم تمسكوا بالمتشابه فتمسكنا بالمحكم ولأنهم كانوا يزعمون /190/ أنه لا دليل لنا في السمع فأريناهم أن لنا في السمعيات أكثر مما لهم، ولا أحسب آية من كتاب الله تكاد تخلو عن الأدلة على صحة مذهبنا في هذه المسألة من أمر أو نهي أو مدح أو ذم أو وعد أو وعيد أو خبر يتضمن إضافة فعل إلى فاعل ونحن نذكر من تفصيل ذلك ما سنح من الآيات. فمنها: قوله تعالى: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت}، ونحوها مما يقتضي نفي الاضطراب والاختلاف من جهة الحكمة؛ لأنه إما أن ينتفي أن التفاوت من جهة الخلقة وهو باطل لحصوله أو من جهة الحكمة وهو المطلوب. ومنها: قوله: {صنع الله الذي أتقن كل شيء}، فإنه ليس المراد بالإتقان الإحكام؛ لأن في أفعاله ما ليس بمحكم بقي أن يكون المراد من جهة الحسن والحكمة. ومنها قوله: {الذي أحسن كل شيء خلقه} ونحوها مما يقتضي حسن خلقه، فإما أن يريد أن كله إحسان وهو باطل اتفاقا لأن العقاب ليس بإحسان، وكذلك خلق الكافر على أصولهم ليس بإحسان أو أن كله حسن وهو المطلوب.
Bogga 289