253

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

ولئن كان ساخطا لأذاهم .... فاعبدوه لأنهم غلبوه والكلام عليهم على جهة التفصيل هو ان يقال إن أردتم بالاتحاد أن ذاتهما صارت واحدة فهو مستحيل؛ لأن فيه انقلاب المحدث قديما أو القديم محدثا أو خروج الموصوف عن صفة ذاته أو حصوله على صفتين للنفس أكثر من صفة للنفس. على أنهم يجعلون الإيجاد بالفاعل ولا اختيار لفاعل في أن يجعل الشيئين شيئا واحدا، وإن أرادوا بالاتحاد الامتزاج أو الادراع فباطل؛ لأن ذلك إنما يعقل في الأجسام، ولأن محاورة الشيئين لا يصيرهما شيئا واحدا، ومتى سماه أهل اللغة بذلك فهو لأنهم اعتقدوا صحته والتسمية تتبع اعتقاداتهم، فهم مصيبون في التسمية مخطئون في الاعتقاد كتسميتهم الأصنام آلهة لاعتقادهم أنها تستحق العبادة. وإن أرادوا بالاتحاد في المشيئة فإما أن يعنوا بذلك أن إرادتهما واحدة أو أن مرادهما واحد والأول باطل لأن إرادة الباري لا تختص بالأجسام، وإن اختصت فهي مع جميع الأجسام على سواء، فلا يكون للمسيح مزية في ذلك، وكذلك إرادة المسيح مع الباري تعالى ومع سائر الأحياء على سواء، فليس بأن يوجب له أولى من غيره، ولأنه لو جاز أن يتحدا في المشيئة لجاز أن يتحدا في العلم وغير ذلك من الصفات، ولأن الإرادة إما أن توجب صفة واحدة فلا يصح اختصاصه بموصوفين فيبطل الاتحاد أو توجب صفتين وهو محال وإلا وجب أن توجب ما لا يتناهى من الصفات لفقد الحاضر والثاني باطل؛ لأن الباري تعالى قد يريد ما لا يريده المسيح ولا يخطر له على بال، وكذلك يريد المسيح ما لا يريده الله من المباحات والمكروهات والصغائر، ولأنه كان يلزم إذا أردنا ما أراده الباري تعالى أن يكون قد اتحد بنا وبالجملة، فكل حيين يصح أن يختلفا في الإرادة.

Bogga 257