247

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

قلنا: إن حكم القادر للذات أن يقدر على جميع أجناس المقدورات لا على جميع أعيانها، فمن أين يجب أن يتحد مقدورهما أليس الباري تعالى قادرا لذاته ولا يجب أن يكون قادرا على أعيان مقدورات العباد. وبعد فقد قال تعالى: {إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} فبين أنه يكون مخلوق أحدهما غير مخلوق الآخر.

ثم إن سلمنا أن مقدورهما واحد لم يقدح في صحة التمانع؛ لأن الحركة يمنة والحركة يسرة ضدان فتعلقهما بكل واحد من القادرين على البدل فمتى أراد أحدهما التحريك يمنة بدلا من التحريك يسرة وجب أن يوجد مراده، وكذلك إذا أراد الآخر التحريك يسرة بدلا من التحريك يمنة فهذا تحرير دلالة التمانع من جهة العقل.

وأما من جهة السمع فقوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، وقوله: {إذا لذهب كل إله بما خلق..} الآية، ونحو ذلك.

دليل لو كان مع الله تعالى قديم ثان لما انفصل وجود ذلك الثاني من عدمه؛ لأن باشتراكهما في القدم يجب اشتراكهما في جميع صفات الذات، فلا ينفصل أحدهما عن الآخر بما يرجع إلى ذاته ولا هما مما يصح عليه المكان فينفصلان بالمكان ولا مما يصح عليه الحدوث، فينفصلان بالزمان.

فإن قيل: ينفصلان بالأفعال فتدل أفعال كل واحد منهما عليه.قلنا: أما من يوجب كون مقدورهما واحد فلا يتوجه هذا إليه، وأما من لا يوجبه فنقول: قد أمكن إضافة جميع ما يتعذر على المحدثات إلى خالق واحد، فلا يكون إلى إثبات الثاني طريق.

Bogga 251