208

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

إذا ثبت هذا فقد قيل معناه منور السماوات والأرض، وقيل: معناه هادي أهل السماوات والأرض. عن علي وابن مسعود، ومنه قوله تعالى: {والنور الذي أنزلنا} أي الهدى، وكذلك قوله تعالى: {وسراجا منيرا} أي هاديا، وقوله: {نخرجهم من الظلمات إلى النور} أي إلى الهدى، وقوله: {فهو على نور من ربه}.

وأما قوله: {مثل نوره} فقيل شبهه بالإيمان الذي في قلب المؤمن، ولهذا قرأ أبي بن كعب ومجاهد: {مثل نور المؤمن}. وقيل: كان أبي(1) يقرأ: {مثل نور من آمن به}.

ومنها: {كل شيء هالك إلا وجهه} ونحوها مما فيه ذكر الوجه.

والجواب لا تعلق بظاهرها؛ لأنه يقتضي أن يهلك كله إلا الوجه.

والمعنى كل شيء هالك إلا هو كما يقال: هذا وجه الرأي أي هاذ هو الرأي، وكما يقال: فعلت هذا لوجهك، أي لأجلك.

والوجه يستعمل في معان غير هذين المعنيين، فيستعمل بمعنى أول الشيء كقوله تعالى: {وجه النهار} وبمعنى القصد والإرادة كقوله: {ومن يسلم وجهه إلى الله} أي قصده، وقوله: {فأقم وجهك للدين}، وقول الشاعر:

استغفر الله ذنبا لست محصيه .... رب العباد إليه الوجه والعمل

... أي القصد، وبمعنى الخيار يقال: هذا وجه القوم أي خيارهم، ومثله وجه الثوب، وبمعنى المقدار يقال لفلان وجه عند الأمير، أي جاه وفلان أوجه من فلان ووجه فلان عريض أي جاهه. ومنها: قوله تعالى: {لما خلقت بيدي} و{مما عملته أيدينا} ونحو ذلك.

والجواب لا تعلق بظاهرها؛ لأن الخلق باليد يمنع الاختراع، والأجسام لا تفعل إلا اختراعا. والمعنى: لما خلقته أنا كما تقول العرب: هذا ما جنت يداك، أي فعلته أنت، وكقوله تعالى: {بما قدمت يداك} و{أيديهم}، وفي المثل: يداك أوكتا وفوك نفخ، وأشباه ذلك كثير.

Bogga 212