152

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

لنا أن الباري تعالى مخالف للمحدثات، ولا يجوز أن تقع المخالفة بنفس هذه الصفات الأربع اتفاقا؛ لأنا قد شاركناه تعالى فيها، ولأنه كان يجب أن تختلف الأجسام بحسب الاختلاف في هذه الصفات أو في أحدها، ولا يجوز ان يقع بكيفيتها، وهو وجوها كما يقوله أبو علي؛ لأنه إن أريد بوجوبها أنه يستحيل خلافها وأنها لا تزول في حال من الأحوال، وهذا نفي، والمخالفة لا تقع بالنفي وإن أريد بوجوبها استمرارها في كل حال، فالمخالفة لا تقع بذلك، ألا ترى أن أحد الجوهرين لو استمر له التحيز والآخر لم يتحيز إلا في وقت، ثم عدم لم يقتض ذلك مخالفة بينها بعد اشتراكهما في التحيز، ولا يجوز أن يقع بنفس الذات كما يقوله أبو الحسين وابن الملاحمي؛ لأنهما إن أرادا أنها تقع بمجرد كونها ذاتا لم يصح لاشتراك الذوات في ذلك، وإن أرادا بكونها ذاتا مخصوصة فلا معنى للخصوصية إلا أن لها صفة ليست لغيرها، وهو الذي يقول، وقد علمت بهذا بطلان ما يقولانه من أن حقيقة المخالفة هي أن لا يكون أحد الذاتين /103/ كالذات الأخرى؛ لأنا نقول أتريد أن لا يكون كالذات الأخرى في كونها ذاتا في أمر زائد والأول باطل، والثاني هو المطلوب.

دليل لا شك أن الأصل في معرفة الاختلاف بين الذوات هو الإدراك، وما عداه مشبه به، فلا بد من اختصاص كل ذات بصفة لو أدركت لأدركت عليها، والباري تعالى لو أدرك لما أدرك على شيء من هذه الصفات الأربع؛ لأن غيره قد شاركه فيها، فيجب أن يختص غيرها لو أدرك لأدرك عليها.

دليل قد ثبت وجوب الصفات الأربع له وجوازها لنا، فلا بد من أمر لأجله وجبت له وجازت لنا، وإلا لم يكن ذلك أولى من عكسه، وذلك الأمر إما مجرد الذات وهو باطل كما تقدم، وإما الفاعل أو العلة وهو أظهر فسادا، وإما صفة ذاتية وهو المطلوب.

Bogga 156