149

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

وأما أنه يثبت بذلك وجوده تعالى فلأنه لو كان معدوما لم يكن له تعلق بمقدوره ومعلومه لحصول علة زوال التعلق، وذلك يعود على كونه قادرا عالما بالبعض.

دليل، قد ثبت في صفة الأجناس المقتضاة كالتحيز في الجوهر والهيئة في اللون أنها مشروطة بالوجود ولا بد من أمر لأجله كان ذلك الوجود شرطا وإلا لم يكن بذلك أولى من ألا يكون، وذلك إما أن يكون كونها صفات فقط أو كونها مقتضاة فقط، وكونها صفات مقتضاة، والأول باطل؛ لأن الذاتية صفة، وهي غير مشروطة بالوجود، والثاني باطل؛ لأن المماثلة /101/ والمخالفة أحكام مقتضيات، وليست مشروطة بالوجود، بقي أن تكون العلة كونها صفات مقتضاة، وقد ثبت للباري تعالى صفات مقتضاة ككونه قادرا وعالما وغيرهما، فليكن مشروطه بالوجود، ويجب أن يكون الله تعالى موجودا إذ لا يصح حصول المشروط دون الشرط وإلا بطل كونه شرطا.

وأما الطرف الثاني وهو أنه تعالى لا أول لوجوده فلأنه لو كان لوجوده أول لكان محدثا؛ لأن ذلك هو حقيقة المحدث، ولو كان محدثا لاحتاج إلى محدث، والمحدث إلى محدث حتى يتسلسل إلى ما لا يتناهى من المحدثين، ومحدثهم أو ينتهي إلى محدث قديم، وهو المطلوب.

وبعد فلو كان تعالى محدثا لما صح منه، فعل الأجسام؛ لأنه حينئذ يكون قادرا بقدرة محدثه فيكون جسما، وسيتضح أن الجسم لا يفعل الجسم.

Bogga 153