============================================================
فتتا (في بيان أصول الحمد والشكر] فعليك - ايها الرجل- ببذل المجهود في قطع هلذه العقبة اليسيرة المؤنة، الكبيرة الجدوى ، العزيزة العنصر ، العظيمة القذر ، وتأمل أصلين : أحذهما: أن النعمة إنما تعطى من يعرف قذرها، وإنما يعرف قذرها الشاكر : ودليل ما قلناه : قوله سبحانه في الحكاية عن الكفار والرد عليهم : أهكؤلاه مب الله عليهر منا ييننا أليس الله يأعلم بالشكرين} ، ظن أولئك الجهال : أن النعمة العظيمة والمنة الكريمة إنما تعطى من يكون اكثرهم مالا ، وأشرفهم حسبا ونسبأ، فقالوا : ما باك هؤلاء الفقراء - بزعمهم - من العبيد والأحرار أعطوا هذه النعمة العظيمة- بزعمكم- دوننا؟ فقالوا على طريق الاستكبار ومجرى الاستهزاء : { أهكؤلاه من الله عليهر من بيننا}، فأجابهم الله تعالى بهلذه النكتة الزاهرة فقال : أليس الله يأعلم بالشككرين} تقدير الكلام : أن السيد الكريم إنما يعطي نعمته من يعرف قدرها، وإنما يعرف قدرها من أقبل عليها بنفسه وقلبه فاختارها على غيرها، ولا يعبأ بما تحمل من أعباء المؤنة في تحصيلها ، ثم لا يزال قائما بالباب يؤدي شكرها، وكان في علمنا السابق أن هؤلاء الضعفاء يعرفون قدر هذه النعمة ويقومون بشكرها، فكانوا أولى بهذه النعمة منكم، فلا اعتبار بغناكم وثروتكم، ولا جاهكم في الدنيا ولا حشمكم، ولا نسبكم في الأنساب ولا حسبكم، إنما تحسبون النعمة كلها الدنيا وحطامها ، والحسب والنسب وعلوه ، لا الدين والعلم والحق ومعرفته، وإنما تعظمون ذلك وتتفاخرون به، أما ترون أنكم لا تكادون تقبلون هلذا الدين والعلم والحق إلآ بمنة على من أتاكم به ، وذلك لاستحقاركم ذلك، وقلة مبالاتكم به ؟ وإن هؤلاء الضعفاء يقتلون أنفسهم على ذلك، ويبذلون مهجهم فيه، ولا يبالون بما فاتهم وبمن عاداهم مع ذلك؛ 221
Bogga 261