============================================================
رايته بالحجون، ولا يبرح حتى يأتيه كذا ذكره موسى بن عقبة وغيره : وقول الشارح: (إنه صلى الله عليه وسلم أمر الزبير أن يدخل مكة من كدى بالضم) تصحيف، وصوابه: من كداء بالفتح والمد، وقوله: (وأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء بالفتح) لم أر في الروايات المعتمدة ما يشهد له، وإنما الذي صح: أنه صلى الله عليه وسلم دخل من أعلاها، وخالد من أسفلها، ورواية عكس ذلك ضعيفة لا يعول عليها، ولعل الشارح أخذ من الرواية الأتية عن مسلم، وأنت خبير بأنه ليس فيها نص ب (كدي) ولا (كداء) وبعث خالد بن الوليد في قبائل ليدخل من أسفل مكة، ويغرز رايته عند أدنى البيوت ، وبعث سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم أن يكفوا أيديهم إلا إن قوتلوا، ولما دخل خالد من أسفل مكة.. قوتل، فقاتلهم حتى أدخلهم المسجد من باب الحزورة ثم كف، ولما قال له صلى الله عليه وسلم : "لم قاتلت وقذ نهيتك؟".. قال : كففت يدي ما استطعت ، فقال : "قضاء الله خيره"(1) وصح في " مسلم " وغيره : أنه صلى الله عليه وسلم بعث على أحد المجنبتين خالد بن الوليد، وبعث الزبير على الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الذين بغير سلاح، فقال : "يا أبا هريرة؛ أفتف لي بألأنصار" فهف بهم فجاؤوا ، فأطافوا به، فقال لهم : " أترؤن إلى أؤباش قريش وأتباعهم ؟ " ثم قال بإحدى يديه على الأخرى : "أحصدوهم حصدا حتى توافوني بألصفا" قال أبو هريرة : فانطلقنا ، فما نشاء أن نقتل أحدا منهم. . إلا قتلناه، فجاء أبو سفيان فقال : يا رسول الله؛ آبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أغلق بابه..
فهو آمن"(2) ومن هذا أخذ الأكثرون أن مكة فتحت عنوة ، ويرد بأنه صلى الله عليه وسلم لم ينص إلا على أوباشهم الذين من شأنهم الجهل والمبادرة بالقتال في غير محله، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم : " من أغلق بابه.. فهو آمن".. ظاهر في أن الكلام إنما هو فيمن قاتل؛ ليوافق الروايات الأخرى المقيدة بذلك، وبهذا يقوى (1) انظر "سيرة ابن هشام" (389/4)، و0 الكامل" لابن الأثير (115/2)، و1 المنتظم" (392/2)، و" عيون الأثر" (212/2)، و1 البداية والنهاية *(4/ 172) 2) مسلم (1780)
Bogga 394