326

Minah Makkiyya

Noocyada

============================================================

ونقل الإمام ابن سراقة من أصحابنا : أن كل واحد من هلذه رأى قوم أنه سبب اعجاز القرآن، ثم اعترضهم بأنهم كلهم ما بلغوا في وجوه إعجازه جزءا واحدا من عشر معشاره، وتبعه البدر الزركشي فقال : أهل التحقيق على أن الإعجاز وقع بجميع ما سبق؛ لاشتماله على الكل؛ فنسبته إلى أحدها- أي : وحده- تحكم، بل فيه غير ذلك، ككونه لايزال غضا طريا على الألسنة وفي الأسماع ، وجمعه صفتي الجزالة والعذوبة وهما كالمتضادين؛ إذ لا يجتمعان غالبا في كلام البشر، وكونه مستدركا على جميع الكتب قبله، فهي مفتقرة إليه وهو غني عنها، ومن ثم كان أبهر في الإعجاز من سائر معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، بل ومعادلا للكل؛ لأن سبيلها واحد، وهو مخالفة العادة، وهو كثير كما تقرر في وجوه إعجازه.

وسئل بعضهم : ما موضع الإعجاز من القرآن؟ فقال : هذذا شبيه بقولك: ما موضع الإنسان من الإنسان ؟ ومعناه : أنه ليس للإنسان موضع من الإنسان، بل متى أشرت إلى جملته. فقد حققته ودللت علي ذاته ، كذلك القرآن؛ لشرفه لا يشار إلى شيء منه إلا وكان ذلك المعنى آية في نفسه ، ومعجزة لمحاوله، وهذي لقائله ، وليس في قدرة البشر الإحاطة بأسرار الله تعالى من كتابه، فلذلك طارت العقول، وتاهت البصبائر عنده.

واختلفوا في تفاوته في مراتب الفصاحة بعد اتفاقهم على بلوغه الذروة العليا كما مر، فاختار القاضي : المنع، وإنما المتفاوت إدراك الناس له.

واختار أبو نصر القشيري وغيره: تفاوته، وتبعهم ابن عبد السلام، ولم يأت كله بالأفصح؛ لئلا يخرج عن نمط كلام العرب، فجاء على نمط كلامهم؛ ليتم ظهور بقاء العجز عن معارضيته (القراء) لأن من سمع ألفاظ القرآن وتدبرها حق تدبرها.. علم من كل لفظ منها باعتبار ما دل عليه أمرا معجزا لا يعارض ولا يناقض: وإذا بلغ القرآن في الجلالة التي مرت الإشارة إليها ما لم يبلغه غيره. . كان حقيقا بأنه كما قال رحمه الله:

Bogga 326