============================================================
أن المغفرة سبب لكون التهجد لمحض الشكر، فكيف أتركه؟!
قال ابن بطال شارح " البخاري" : (في هلذا الحديث أخذ الإنسان على نفسه بالشدة في العبادة وإن أضر ذلك ببدنه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إذا فعل ذلك مع علمه بما سبق له.. فكيف بمن لم يعلم ذلك، فضلأ عمن لم يأمن أنه استحق النار؟1) اه قال بعض المفسرين: قام صلى الله عليه وسلم طول ليله على قدميه إلا قليلا، فلما تورمت قدماه. كان يقف على أطراف أصابعه، فأنزل الله تعالى عليه {طه *: ما أنزلنا عليك القرهان لتشقى} أي : طأ الأرض بكل قدميك ، واسترح مما أنت فيه من التعب، فإننا ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (إذ) أي : وقت، أو لأجل أنه (رمى بها ظلم الليل) فيه استعارة بالكناية، شبه القدم الشريفة بسهم صائب من حيث إن قيام القدم في طاعة الله تعالى أوجب زوال ظلمة الليل ووحشته، كما أن رمي السهم في طاعة الله تعالى يزيل سؤرة عدوه ووطأته، فتشبيه القدم بالسهم في ذلك استعارة بالكناية؛ لبنائها على هذذا التشبيه المكني في النفس، وإثبات الرمي لها استعارة تخييلية، وبهذا التقرير البديع المبقي (( الباء) على حالها يندفع زعم الشارح أنها بمعنى (من) أو (عن) وأنه لا يصح بقاؤها على حالها ولما كان قيام الليل كذلك ينشأ إما عن مزيد خوف أو سعة رجاء.. بين الناظم رحمه الله تعالى أن قيامه صلى الله عليه وسلم لم يكن لأجل ذلك، وإنما كان لمحض الشكر، كما أفاده قوله صلى الله عليه وسلم : " أفلا أكون عبدا شكورا ؟!" مع التلذذ بمناجاة الله تعالى والقيام بين يديه، وأن خوفه ورجاءه اللذين وصل فيهما إلى غاية لم يصل إليها غيره.. إنما كانا لمحض التقرب بهما إلى الله تعالى فقال : (إلى الله) خبر مقدم (خوفه) منه تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: "أنا أغلمكم بالله وأخوفكم منه "(1) (والرجاء) أي : وسعة أمله فيما عنده لا إلى غرض آخر؛ لأن الله تعالى عصمه عن أن ينظر أو يميل إلى غيره طرفة عين، بل هو دائم المثول في حضرات الشهود الأقدس، والتملي بمعاني القرب الأنفس: (1) أخرج البخاري نحوه (20)
Bogga 306