============================================================
استودعت الظل للأنبياء الذين أظلتهم الطيور من ظله ؛ لأنا نقول(1) : هاذا المعنى لا يطابق اللفظ، سلمناه مع ما فيه من البعد والتكلف (2)، فوزن دففاء فعلاء، وهو إنما يكون جمعأ لفعيل.. إذا كان وصف ذكر عاقل بشروط أخرى، ولما دل على سجية حمد آو ذم بشروط آخرى كشجاع وشجعاء، وصالح و صلحاء، وشاعر وشعراء، وجاهل وجهلاء، فعلم أنه لا يصح حمله على الطيور أصلا؛ لأنه إنما يكون جمعا لصفة عاقل مذكر أو سجية حمد أو ذم بشرطهما، على أن الذي سمع في الطيور دفوف في العقاب، وفعلاء لا تجمع عليه أصلا، وداف فيما يطير بجناحيه ولا يصفة(3)، وهو وصف لغير عاقل، ودفيف، وهو ليس وصفا للطائر، بل لحركته، وبتسليم آنه وصف له هو غير عاقل: فإن قلت : المعنى الصحيح : أن الغمامة لما أظلته. استودعت الظل الطيور التي أظلت الأنبياء من ظله ، فهلا يحمل النظم عليه ؟
قلت : يعارضه ما تقرر في قاعدة جمع فعلاء، وبتسليمه تجوزا في الجمع فالنظم يتبو عن هلذا المعنى بكل وجه كما هو واضح: فإن قلت : ظاهر كلام الناظم في " البردة " : أنه احتاج لتظليل الغمامة لتقيه حر الشمس(4)، فينافي ما مر من أن تظليلها للحكمتين السابقتين.
قلت : ما أفهمه كلامه ثم. . يعارضه أن تظليلها لم يكن إلا قبل النبوة إرهاصا كما مر، ولو كان لما ذكر.. لكان بعد النبوة أيضا: فان قلت: قد ظلل عليه صلى الله عليه وسلم عند رميه للجمرة بثوب، وهو يشعر بالاحتياج.
قلت: هذا من ضرورة الجبلة البشرية، وما نحن فيه من حيث الحقيقة والأمور الأصلية فتأمله (1) تعليل لقوله قبل أسطر : (لايقال) : (2) قوله : (سلمناه) أي : رجوع الضمير في (استودعته) إلى (الظل) : (3) الطائر الذي يصفك هو : الذي لا يحرك جناحه أثناء الطيران كالنسور والصقور.
(4) وذلك قوله رحمه الله: مثل الغمامة أثى سار سسائرة قيه حو وطيي للهجير حمي
Bogga 250