============================================================
و صف له صلى الله عليه وسلم، وتأملت ما اشتمل عليه صريحا وإيماء. وجدت ذلك الوصف المبتدأ به جمع أنواع الفضل وغايات الكمال، ولا يستبعد ذلك؛ فإن كل وصف من أوصافه صلى الله عليه وسلم آخذ بحجز تلك الأوصاف؛ إذ لا يتحقق كمال وصف من صفات الإنسان - كالحلم مثلا - إلا إن كمل في بقية أوصافه، كالعلم والكرم والشجاعة والخلق الحسن وغيرها، وحينئذ فكل من صفاته صلى الله عليه وسلم يدل على ما وضع له مطابقة، وعلى ما عداه منها إيماء واستلزاما، كما لا يخفى على من سبر ذلك وتأمله، وبهذا التحقيق الذي تنبه له الناظم يعلم آنه - سقى الله عهده ثاقب النظر، كامل المعرفة، متضلع من العلوم والمعارف، وليس ذلك بكثير على من حل عليه نظر القطب الكبير، والعلم الشهير، سيدي أبي العباس المرسي، وارث أبي الحسن الشاذلي، قدس الله تعالى سرهما، ونور ضريحهما وبما قررته في شرح هذا البيت يعلم آنه من غرر آبيات هلذه القصيدة، وأنه لا تعقيد فيه خلافا للشارح: وأنه يجب عليك أن تعتقد أيضا: أن من تمام الإيمان به صلى الله عليه وسلم الإيمان بأن الله تعالى أوجد خلق بدنه الشريف على وجه لم يظهر قبله ولا بعده في أدمي مثله، وسر ذلك : أن محاسن الذوات دليل على ما بطن فيها من بدائع الأخلاق وجلائل الصفات، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد بلغ الغاية التي لم يصل إليها غيره في كل من ذينك، ومن ثم قال الناظم في " بردة المديح " : (فهو الذي تم معناه وصورته...) البيتين، فبين أن حقيقة الحسن الكامل كملت فيه وحده، ولم تنقسم بينه وبين غيره؛ لأنه الذي تم معناه دون غيره، ولو شورك.. لم يتم معناه.
وما أحسن قول بعضهم : لم يظهر لنا تمام حسنه، وإلا.. لما أطاقت أعيننا النظر وبين (ابتدأت) و(ابتداء) جناس الاشتقاق تبيه: شرح الناظم بيان تمام معناه بما مر ويأتي، ولم يشرح تمام حسن ذاته كذلك، وإنما أشار لذلك بقوله : (برؤية وجه...) إلخ (ضحكه التبسم...) إلخ (أو بتقبيل راحة...) إلخ، فتعين علينا أن نشير الى شيء من ذلك فنقول :
Bogga 205