============================================================
وهم: جماعة من قومه كانوا يسخرون منه ويبالغون في إيذائه والسخرية به؛ آي: تولى إهلاكهم، من: كفيت فلانا المؤنة إذا توليتها له فلم تحوجه إليها، ومع توليه تعالى إهلاك المستهزئين به سلاه، فأعلمه بأن هذا ليس خاصا به، بل الأنبياء قبله كانوا كذلك بقوله عز قائلا : فأصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} ، ومن ثم اقتبس المصنف من هلذا كقوله تعالى : ولقد أستمزى برسل من قلك . الآية قوله : (وكم) مرات كثيرة (ساء) أي : أحزن (نبيا) بينهما الجناس المصحف (من قومه) متعلق بقوله: (استهزاء) أي: سخرية وايذاء، ففيه اقتباس وتلميح، وهو: الإشارة إلى قصة أو شعر أو مثل سائر، وذكرنا التلميح هنا مع كثرته في كلامه؛ لأنه هنا أظهر باعتبار ظهور قصة المستهزئين وشدة الاعتناء بها وفيه أيضا التذييل والمثل السائر في الجملة الاستفهامية(1).
9 ورماهم بدغوة من فناء أل بيت فيها للظالمين فناء (ورماهم) آي: أصابهم (بدعوة) مته عليهم وصلت إليهم فأهلكتهم، كما يصل السهم القاتل إلى من رمي به فيهلكه (من) أي : بدعوة كائنة في (فناء البيت) أي : حوالي الكعبة، وقيل: إنه شكاهم لجبريل فقال : أمرت أن أكفيكهم ، ثم أشار إلى كل بما أصابه (2)، وذلك لا ينافي دعاءه عليهم؛ لأن دعاءه كان سببأ لإشارة جبريل عليه السلام إليهم بالهلاك، وتجويز تعلق (من) بل رمى) وأنها لابتداء الغاية.. بعيد، للكن فيه دقة تشبيه وبلاغة، ولعل الناظم قصد ذلك لاستقامة الوزن مع كل، فإيثارها مع كونها خلاف المتبادر إنما هو عن قصد، ثم وصف الدعوة أيضا بقوله: (فيها) أي: تلك الدعوة (للظالمين) متعلق بما بعده، والأصل: لهم، وعدل عنه؛ ليبين آن سبب اهلاكهم ظلمهم وبغيهم عليه صلى الله عليه وسلم، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه ومحله (فناء) أي: استئصال لهم حتى لم يبق منهم أحد.
(1) لعل صواب العبارة أن يقول : (في الجملة الخبرية) لأنه قال أثناء شرح النظم : (8 وكم" مرات كثيرة.)، وهلذا يدل على آنها خبرية لا استفهامية، والله أعلم (2) أخرجه بنحوه البيهقي في " السنن الكبرى"(8/9)، والطبراني في " الأوسط"(4983).
131
Bogga 165