Laga soo bilaabo Soo guurinta ilaa Hal-abuurka
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
Noocyada
29
وما ظهر على يد الرسول من الكرامات والخوارق إنما ظهرت أثناء أحواله وكأنه ولي أو صوفي دون أن يتحدى بها أحدا. إنما تحدى بالكتاب وحده. وهو تجاوز للموقف الأشعري التقليدي الذي يرى المعجزات خرقا للعادات ولقوانين الطبيعة وكأدلة على صدق النبي، وتثبت النبوة بمقدمتين. الأولى وضع الأنبياء الشرائع العامة للناس جميعا، وهم أميون. والثانية كل من فعل ذلك فهو نبي. والآيات التي يذكرها ابن رشد لإثبات المقدمتين غير مطابقتين تماما. هناك آيات أخرى أكثر مطابقة تتحدث عن النبي الأمي وماذا عن الاعتراض بأن حياة الأسفار قد علمته في ثقافة شفاهية وليست مدونة بالإضافة إلى التعلم الذاتي أو قدرته على الإبداع الذاتي كما يفعل الأبطال والقادة؟ أين تصديق الكلام في الواقع وإثبات صحته وفعاليته وقدرته على التغير الاجتماعي والسياسي أي التحدي الفكري والسياسي؟ وإذا كانت كل هذه العلوم والمعارف وكل هذه الشرائع والفضائل من الوحي فأين حكمة الشعوب التي تناقلتها الحضارات والأجيال؟ يبدو ابن رشد هنا فقيها حنبليا أكثر منه فقيها مالكيا. يختار النص ويجعل دليلا بنفسه دون تعقيله أو تحقيقه في الواقع للمصالح العامة، كما أنه يتحدث عن أصلين أكثر من حديثه عن مقدمتين وكأنه لا يصوغ برهانا كفيلسوف منطقي بل يتحدث عن أصول كفقيه. لقد غلب الفقيه على الفيلسوف في نقده الكلام الأشعري مثل باقي الفقهاء المتأخرين وعلى رأسهم ابن تيمية.
30
وفي مسألة الجور والعدل يرفض ابن رشد موقف الأشاعرة بإنكار الحسن والقبح والعدل والجور العقليين لأنه خلاف المسموع والمعقول. فقد وصف الله نفسه في كتابه بالقسط، ونفى عن نفسه الظلم، أما الآيات التي تشير إلى الإضلال والهداية والختم والطبع والتوفيق والسداد والخذلان فإنه لا يمكن أن تحمل على ظواهرها لأنها معارضة بظواهر آيات أخرى منها تلك التي نفى الله فيها عن نفسه الظلم والتي تجعل الإيمان والكفر والإضلال والهداية من فعل الإنسان. ويعرف ذلك الإنسان بفطرته منذ عهد الذر الأول. لذلك وجب الجمع بين هذه الظواهر المتعارضة للنصوص على نحو ما يوجبه العقل. فإذا كانت الهداية والضلال من الله كان ذلك بالمشيئة السابقة. وإن كان من الإنسان فإما من طباعهم المخلوقة (الداخل) أو من الأسباب (الخارج) أو من كليهما معا. ولما كانت الطباع مختلفة فقد تكون الآيات مضلة للبعض هادية للبعض الآخر دون تصد مباشر من الله في كلتا الحالتين. الهداية والضلال من الله ليست مباشرة بل من خلال توسط الطبائع الخيرة أم الشريرة. فيكون الشر أحيانا ما خفي على الإنسان بل على الملائكة من الحكمة الإلهية. وفي نفس الوقت يرفض ابن رشد الواجبات العقلية عند المعتزلة. فالله لا يفعل فعلا لأنه واجب عليه. ولما ظن الجمهور أن جميع الموجودات بريئة من الشر إلا أن الخواص يفهمون ذلك فإنه لا يجب على الله أن يخلق خلقا مقترنا بالشر. بل لو شاء لخلق خلقا لا يقترن بالشر. بل خلق الخلق المقترن بالخير وبالتالي يكون لكل نفس هداها. وواضح من هذا النقد للأشعرية أن ابن رشد لم يستطع الحسم لتوسطه بين الأشعرية والاعتزال. فما زال القول بالطبائع والأسباب واقعا تحت تهمة الشرك سواء كانت في الداخل أم في الخارج. كما أن تحول الوجوب العقلي عند المعتزلة إلى أماكن يجعل إرادة الله احتمالية نظرية ويجعل علمه غير متحقق. والحقيقة أن حل هذه القضية ليس في النص بل في قراءة النص. وقراءة النص تخضع للمواقف الفكرية والأوضاع الاجتماعية والنفسية والثقافية والحضارية للعصر. المشكلة خارج النص وليست داخل النص. والداخل يتأقلم مع الخارج. وهذه هي الحضارة إلى أن تأتي فترة يتم فيها تطهير النص من شوائبه والعودة إلى الأصول. ويكون الخارج قد ضعف وانهار. فتنشأ ظروف أخرى وحضارة جديدة وتكيف جديد. وكل «مناهج الأدلة» تفسير وتفسير مضاد. وكل مفكر يرى أن الظاهر موقف الخصم ولا بد من تأويله وأن المؤول هو الخصم ولا بد من إبقائه على ظاهره. فالنص مجرد سلاح يتم توجيهه بيد المحارب وليس محاربا بذاته. والمجتمع هو الذي يوجه المحارب طبقا لوضعه الاجتماعي والطبقي. هذا هو الملاحظ على جدل ابن رشد ضد الأشاعرة في «مناهج الأدلة».
31
وقد نبه القرآن على موضوع المعاد، وأثنى على العلماء الذين انتهوا إلى غاية الإنسان من الوجود، وخلق الإنسان لفعل مطلوب منه، ثمرة وجوده، رسالته في الحياة.
32
نبه القرآن على معنى يدركه العلماء بالفعل والتجربة، موجود في الطبيعة كواقع وفي الفعل كمعنى. ووجود الغاية في الإنسان أظهر فيه من جميع الموجودات. وتشتد حسرة النفس على ما فاتها من التزكية بعد مفارقتها البدن لأن الاكتساب مع البدن والسعي في هذه الحياة. وهناك دليلان على إثبات المعاد. الأول قياس المساوي على مساويه، البعث على الخلق. والثاني قياس الأكثر على الأقل، العودة على البدء وهو قياس الأولى بتعبير الفقهاء. والعجيب عدم الإشارة إلى الكندي أول من قال بهذا القياس والتراكم الفلسفي في القرن السادس الهجري عند ابن رشد قد وصل الذروة في «تهافت التهافت» وعند ابن طفيل معاصره في «حي بن يقظان»! وصحة إخراج الضد من الضد غير دقيقة لأن النار لا تخرج من الشجر الأخضر بل من الشجر اليابس وهو أسهل وليس أصعب. أما الدليل على بقاء النفس فهو قياس الموت على النوم، قياس الأكبر على الأصغر، والأصعب على الأسهل، والأكثر على الأقل، كما هو الحال من جديد في قياس الأولى. فالموت والنوم تعطيل لفعل النفس فلو تعطل فعلها في الموت لفسادها لا بتغيير آلتها لكان تعطل فعلها في النوم لفسادها. ولما كانت تعود بعد النوم ثبت أن تعطل فعلها ليس لفساد جوهرها وإنما هو تعطل آلتها فحسب، ولا يلزم من تعطل الآلة تعطل النفس. فالموت تعطل الآلة كالنوم. وربما كانت الآيات ببلاغتها أكثر إقناعا من هذا الاستدلال المنطقي الذي صاغه الفقهاء حول أقيسة القرآن وأقيسة الرسول.
33
والغاية من تمثل الوافد في وعاء الموروث: (1)
Bog aan la aqoon