Laga soo bilaabo Soo guurinta ilaa Hal-abuurka

Hasan Hanafi d. 1443 AH
150

Laga soo bilaabo Soo guurinta ilaa Hal-abuurka

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص

Noocyada

والإنسان سيد الكون، وأشرف المخلوقات، خليفة الله في الأرض. تسجد له الملائكة تقديسا لله وتسبيحا له. فعبادة الله تتم أيضا بواسطة السجود للإنسان كما أن الحديث معه يتم أيضا بواسطة ومن ترك الإحسان لمن دونه، والشكر لمن أعلى منه فإنه لا يزال في انحطاط حتى الهلاك. والله هو الميسر للرقي نحو اللذات الروحانية والعقلية والصور النفسية. والإنسان أفضل من الحيوان تركيبا، وأعدل مزاجا وأحسن تقويما؛ لذلك لزمته أحسن الشرائع والسياسات حتى إنه ليصعب تكذيبها. فلا فرق بين عالم القدس وعالم الإنس، بين عالم الروح وعالم الطبيعة، بين عالم الإنسان وعالم الحيوان.

12

ومع ذلك لا يتدخل الله في شئون البشر. ولو شاء الله لهداهم جميعا ولكن أكثرهم للحق كارهون.

وللخلق غاية وهو التكليف ثم الاستحقاق كما هو الحال عند المعتزلة، فالشيعة والمعتزلة كلاهما من فرق المعارضة، ومن ثم ينتفي العبث والمصادفة والمزاج؛ لذلك يرتبط الخلق بالمعاد ارتباط البداية بالنهاية. المعاد نتيجة الخلق، والخلق مقدمة المعاد. وبكاء الطفل بعد خروجه من بطن أمه للروح التي فارقت عالمها. فإذا ما لف بالقماط سكت استجابة للمرشد. والمعاد، ثوابا أم عقابا، إلى عليين أو أسفل سافلين. خلق الإنسان من الأن وإليه يعود. زمنه يخرج تارة أخرى، دورة بين الحياة والموت. الحياة من الموت، والموت من الحياة ثم الحياة من الموت مرة أخرى. والفهم العامي فهم مادي جسمي، والفهم الأعمق هو الفهم الروحي. فالإنسان خلق من الروح، وإليه يعود. تنزل الروح إلى البدن ثم تصعد منه. وهذا هو معنى الموت مرتين والحياة مرتين. ويتفق حكماء الشيعة على مصطلحاتهم مثل الناطق والقائم والأساس، والدور والكور. وهي نفس المصطلحات التي تظهر عند إخوان الصفا مما يدل على صلتهم بالتشيع.

13 (2) النبوة

قد تكون النبوة هي الموضوع الأساسي الذي منه تنبثق كل العقائد الأخرى مثل الإبداع والخلق والعدل والإمامة. فالسمعيات أقوى من العقليات، والخيال الشعبي للعامة أقوى من الاستدلال العقلي للخاصة . ويتضخم موضوع النبوة على باقي العقائد لأنها الصورة الأولى للإمامة. النبوة هي الجامعة لكل العقائد. ومن طريقها تتم معرفة التوحيد والعدل والمعاد والإمامة. وتبدو أهمية الموضوع في العودة إلى مصدر الشرعية ضد اغتصابها من الأموية وإعادة عرضها حتى تتحول من شرعية السلطة إلى شرعية المعارضة، ومن إيقاف التاريخ إلى تحريك التاريخ.

وهناك ثلاثة مواقف من النبوة. الأول إنكار النبوات قياسا على المحسوس لا على المعقول؛ إذ إن وظيفتها الكشف عن البعد العقلي في الشعور، فالرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ولا بد أن يكون معه ملك أو نذير أو كنز أو جنة يأكل منها وإلا كان رجلا مسحورا. والثاني إنكار النبوات؛ لأنها تقوم على طلب المعجزات وهي من الممتنعات لأن الممتنع ليس من أجل ذاته بل من أجل عجزه عن إظهاره أي لغياب الدليل العقلي. والثالث قبول النبوة من عترة النبي والوحي. فقد وضعوا الحق في موضعه، وتواصلوا معه، فشهدوا الآفاق والأنفس والتراكيب والألفاظ. وشهدت لهم على صدق القبول على بصيرة ويقين. وهو الموقف الذي يقوم على القبول ثم البرهان بالرغم مما في القبول كما يعرضه الشيعة من تقليد وتسليم وكان النبوة لها ورثة من آل النبي. فالأدلة أربعة: الآفاق أي الكون، والنفس، والألفاظ، والتراكيب. ويكتبها السجستاني بالهمزة «النبؤة» وليس النبوة تأكيدا على دورها في معرفة المستقبل. وهي في «إثبات النبوات» أكبر وأكثر عقلانية من «الينابيع». فلماذا الدفاع عن النبوة وإثباتها ضد منكريها؟ ومن هم هؤلاء المنكرون؟ البراهمة، المعتزلة، ابن الراوندي، الرازي المشهورون في كتب الفرق؟ هل الفكر الشيعي ما زال فكرا كلاميا سجاليا يقوم على إثبات النبوة ضد من يرى في العقل غنى عنها دون أن يتحول من الكلام إلى الفلسفة، زمن النقل إلى العقل، ومن السجال إلى البرهان؟

ولا يمكن إنكار النبوة والطبيعة تشهد لها كما قال الرسول. فالنبوة علم لدني، يلقى في القلب، والدليل عليها الشمس والقمر، فالقمر يستمد نوره من الشمس. والنبي يرتقي إليها صاعدا، راكبا طبقا عن طبق. ويتصل الرسل بالأسماء وهي الصفات كما اتصل بها الجن أيضا. وتتأسس النبوة من جهة الفصول الطبيعية لا فرق بين جماد وحيوان وإنسان، بين أجرام علوية وأجرام سفلية. وكل حيوان له خصلة من خصال النبي. ومن ثم تثبت النبوة من جهة الأعراض الطبيعية. والعرض هو الذي يتوهم رفعه مع عدم فساد حامله. وكذلك النبوة لها أعراض لا تفسدها، ولذلك تم رفع بعض العادات القديمة مثل شرب الخمر والصلاة إلى بيت المقدس دون رفع حواملها، وهذا هو معنى النسخ، رفع الحكم وإبقاء المحكوم عليه. وتثبيت النبوة أيضا من جهة الحركات الطبيعية واتجاهاتها إلى أعلى أو إلى أسفل، إلى الأمام أو إلى الخلف، إلى الداخل أو إلى الخارج، إلى الطرف أو إلى الوسط، تأييدا ورفعا، هبوطا وصعودا، تنزيلا وتأويلا. وهما حركتا الناطق والأساس، وهذه حركة العناصر الأربعة أيضا طبقا للنقل والخفة. ولما كانت الطبيعة تتحرك ثلاث حركات، إلى أعلى وإلى أسفل وإلى الوسط كذلك تتحرك النبوة. ويظل السؤال: هل النبوة حركة طبيعية أم ثورة اجتماعية؟ وهل حصار الثورة في المجتمع جعلها تمتد إلى الطبيعة والكون لفك الحصار؟ وحركة الناطق موازية لحركة الطبيعة. كما يتشابه القائم مع الزمان، بالساعة واليوم وهما أقل الوقت. فالصور الروحانية لا تحتاج إلى زمان طويل كما تحتاج الصور المادية.

14

لذلك يظهر الله في كل مكان، وفي كل دين، وفي كل شريعة. تشهد له النبوة بفردانيته. وصارت الأماكن الطبيعية سخرة للأماكن الدينية. مثل مكة للتجارة والحج. تثبت النبوة بشهادة الفرد وشهادة الخلق. في العالم الأصغر وفي العالم الأكبر، وتثبت النبوة من جهة الكون والفساد. فكل شيء يكون بفساد آخر من أجل تجديد الحياة وتواصلها. وهذه أدوار النبوة، تجدد مستمر، اتصال وانقطاع. والتأكيد على التغيير والجدة والإبداع ضد الأمر الواقع وثباته في الدولة السنية. وتثبت النبوة أيضا بحجة التضاد. فالتضاد في النبوة على ثلاثة أنواع الأول وقوع الضدين تحت جنس واحد كالصوم للمقيم والإفطار للمسافر تحت شريعة الإسلام. والثاني وقوع الضدين تحت جنسين مختلفين مثل صوم رمضان للمسلمين وإفطاره للنصارى واليهود. والثالث اختلاف الجنسين مثل اختلاف الشريعة الإسلامية كلية عن الشريعة النصرانية. فالنبوة ثابتة من جهة الأضداد أو الطبيعية إذا وافقتها مثلا بمثل. فالأضداد برهان وليس الاتساق. وبه ثبت أيضا صحة ديانات الطبيعة مثل كل الديانات الثنوية. وتثبت النبوة أيضا ببعض الأحاديث الحرة كإخباره عن المستقبل في هزيمة الفرس تنبؤا بحركة التاريخ ومساره. كما تثبت شمول رسالته وبعثه إلى الأحمر والأسود، لأهل الظاهر ولأهل الباطن للإنس والجن. ويقوم بالدعوة لرسالته قتالا حتى يقول الناس «لا إله إلا الله» إحساسا بضرورة الكفاح المسلح ضد أهل الظلم والطغيان دون التفات إلى أنه.

Bog aan la aqoon