Laga soo bilaabo Xawilaadda ilaa Hal-abuurka
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
Noocyada
كما يحيل مسكويه إلى القدماء ورأيهم في الخلق، أو في رأي البعض أنه للنفس غير الناطقة وحدها، بينما رأى البعض الآخر أنه قد يكون للنفس الناطقة بعد قسمة الخلق إلى طبيعي وعادي؛ الأول لا ينتقل من فرد إلى آخر، والثاني يمكن أن ينتقل بالتأديب والمواعظ سريعا أو بطيئا. والانتقال السريع أفضل اعتمادا على قوة التربية. ويعتمد على تشبيه القدماء لقوى النفس الثلاث بإنسان راكب دابة يقودها كلب أو فهد، إن استطاع الإنسان قيادتها عاش سعيدا. ويعيد توظيف هذا المثل تنبيها للنفوس على ما وهب الله، عز وجل، للإنسان ومكنه منه، تركيبا للعقل على الوحي. كما اختلف القدماء في السعادة العظمى؛ إذ ظن البعض أنها لا تحصل للإنسان إلا بعد مفارقته البدن لأنها في النفس وحدها، وجعلوها جوهر الإنسان دون البدن، وهم أفلاطون وفيثاغورس وأبقراط؛ بينما رأى البعض الآخر أنها قد تحصل في الدنيا، وهو رأي أرسطو ومسكويه.
28
ويحيل مسكويه أيضا إلى المتقدمين في مقابل المتأخرين، ويستحسن آراءهم من أن الخير مقصود الكل، والغاية الأخيرة، وقد يسمى النافع كذلك. كما يستعمل لفظ الأوائل الذي لا يشير إلى اليونان بالضرورة، بل قد يشير إلى الفرس أيضا؛ لأنهم لا يسمون الملك إلا من حرس الدين وقام بحفظ مراتبه وأوامره، وإلا فهو متغلب؛ فالإحالة إلى الأوائل موجهة بدور الملك في رعاية الدين من تصور الخليفة أو الإمام. وفي أقسام المحبة عند الحكماء يجعلها مسكويه تبدأ بمحبة الوالدين ثم محبة الحكماء؛ فهم بالنسبة لتلامذتهم كالوالدين للنفوس، ثم محبة الله. وفي مرتبة الحكماء يصير العلم صحيحا والعمل صوابا؛ لذلك جعل الحكماء الموت موتين؛ موتا طبيعيا بانتهاء الأجل، وموتا إراديا عن طريق إماتة الشهوات، وكذلك الحياة حياتان؛ حياة طبيعية للبدن، وحياة إرادية بالنفس؛ فيضيف مسكويه البعد الإلهي على بعد الحكماء، ويجعل محبته لله قمة المحبة بعد محبة الحكماء.
29
ويستعمل مسكويه بعض نوادر الفلاسفة للتعبير عن آرائهم الفلسفية، مثل ما وقع بين مملوك وبعض الفلاسفة، والذي افتخر عليه بعض رؤساء زمانه بحالهم من الفضائل الخارجية، الفرس والثياب، دون الداخلية الذاتية، ومثل دخول أحد الفلاسفة على بعض أهل اليسار والثروة، وكان يحتشد في الزينة وأبهة البيت، فبصق عليها؛ لأنه لم يجد أحقر منها؛ فالفضائل في النفس وليست خارجها في موضوع العجب والافتخار. ومثل تعمد أحد المتفلسفين الذين يمارسون الفلسفة على نحو عملي إيجاد نفسه في مواطن الخوف حتى يعود نفسه تحمل المخاطر الخارجية بالتعرض لها، مثل ركوب البحر أثناء هيجانه حتى يعود نفسه على السيطرة عليها حين الغضب. وكلها أمثلة على انقلاب الفيلسوف من الخارج إلى الداخل في تصوره للفضائل في موضوع الجبن والخور.
30
ويستعمل مسكويه لفظ الفلاسفة للدلالة على فلاسفة الإسلام، وهو المعنى الخاص الضيق، أو كل الفلاسفة بما في ذلك اليونان وغيرهم، وهو المعنى العام الواسع، وآراؤهم هي ما يسمى فلسفة بإجماع العقلاء؛ فقد أجمعوا على أن للإنسان كمالين؛ الأول نظري للمعارف والعلوم، والثاني عملي لنظام الأمور وترتيبها؛ لأن له قوتين؛ علمية وعملية، ولكل قوة اشتياقها، كما أن المحققين منهم يجمعون على تحقير البخت، ولا يجعلونه ضمن السعادة؛ لأن السعادة أمر ثابت ينال بالإرادة، وليس متغيرا ينال بالمصادفة، والأخس لا ينال الأشرف. أما الحدث منهم، أي المحدثون، فإنهم جعلوا عبادة الله على ثلاثة أنواع متدرجة من أدنى إلى أعلى؛ الأول واجبات البدن، كالصلاة والصيام ومواقف المناجاة لله. والثاني واجبات النفس بالاعتقادات الصحيحة، كالعلم بالتوحيد. والثالث ما يجب حين مشاركة الناس في المدن بالمعاملات والمزارعات والمناكحات وتأدية الأمانات والمعاونات والمناصحات وجهاد الأعداء والذب عن الحريم وحماية الحوزة، وهي أيضا عبادات، طريق إلى الله. الأول طريق العبادات، والثاني الاعتقادات، والثالث المعاملات؛ لذلك يتدرج معنى الفلاسفة من كل الفلاسفة منذ القدم إلى بعض الفلاسفة، وهم المتحققون منهم، إلى بعض البعض، وهم المحدثون منهم. وقد يكون المقصود فلاسفة المشرق، ثم فلاسفة اليونان، ثم فلاسفة الإسلام، وهي معرفة الله.
31
ويذكر مسكويه أخلاق الشعوب وعاداتهم، الغرب والهند والعرب، فيشير إلى عادة ملوك الفرس في تربية أولادهم بعيدا عن القصور، وإرسالهم إلى المناطق الخشنة ليتعودوا على أخلاق الرجولة، وهي عادة عربية أيضا نظر لها ابن خلدون فيما بعد في التمييز بين أخلاق الحضر وأخلاق البدو. ويشير إلى حكيم الفرس وملكهم أردشير وقوله الشهير: الدين والملك أخوان توءمان؛ فالدين أساس، والملك حارس، ومن لا أساس له مهدوم، ومن لا حارس له ضائع. وكأنها نظرية الإمامة أو الخلافة عند المسلمين في التوحيد بين الدين والدولة. كما يشير مسكويه إلى الهند، كتاب «كليلة ودمنة»، والحديث عن الأخلاق بلغة الأمثال والوصايا؛ لما في ذلك من النفع العظيم عند السامعين الفضلاء، ولخوفهم من الضرر الذي قد يقع عليهم إذا ما استهانوا بها. كما يذكر الأحباش والروم والنوبة في موضوع الغدر والضيم عند بعض أجناس العبيد، ويمدح وفاء هذه الشعوب؛ فالشعوبية ليست سلبا، بل هي أيضا إيجاب؛ فلا تذكر الرذائل وحدها، بل أيضا الفضائل. وقد يوجد وفاء عند بعض العبيد أكثر مما يوجد عند الكثير من الأحرار. كما يظهر الأعراب كعادات في الأخلاق؛ فمن ترك الشهوات من المآكل والمشارب وسائر اللذات فإما لأنه ينتظر أكثر مما هو حاضر، وإما لأنه لا يعرفها كما هو الحال عند الأعراب في الجبال والرعاة في البوادي وسفوح الجبال. كما اشتق لفظ إنسان من الأنس، كما يؤيد ذلك النحو، وليس من النسيان كما يقول بعض الشعراء.
32
Bog aan la aqoon