Laga Soo Guurista Ila Abuurista
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Noocyada
36
ومشروع أرسطو تصحيح الصنائع الجزئية أي إعادة بناء العلوم مثل مشروع ابن رشد إعادة تصحيح المسار الفلسفي الإسلامي فالمشروعان متشابهان.
37
وبالرغم من هذا الاحترام والتقدير من ابن رشد لأرسطو إلا أن ابن رشد يشير إليه باعتباره الآخر في الشخص الثالث، موضوعا للدراسة والحديث، ومسبوقا بحروف الاستنتاج مثل: لذلك، وعلى هذا. فأرسطو هو الشاهد وابن رشد هو المشهود عليه. كما أن أرسطو هو الشارح وابن رشد هو المشروح. ابن رشد هو الذي يعبر عن إرادة أرسطو، ويتحدث بلسانه، ويتمثل رؤيته، ويعيد صياغة عبارته، ويرفع اللبس عنه والغموض عند الشراح، يونان ومسلمين.
38
ولا يعني شرح أرسطو شرح أرسطو بأرسطو فقط بل وصفه في إطاره التاريخي ومقارنته مع أفلاطون. هكذا فعل الشراح اليونان خاصة ثامسطيوس والشراح المسلمين خاصة الفارابي مضحين بأرسطو دفاعا عن أفلاطون. ويعيد ابن رشد الكرة لتصحيح الموقف والإبقاء على المقارنة للكشف عن التقابل بين أرسطو وأفلاطون دون المزج بينهما أو دون قراءة أرسطو من خلال أفلاطون. لم تحدث قراءة أفلاطون من خلال أرسطو إلا من أرسطو نفسه، لبيان المطلبين الطبيعيين في الفلسفة، المثال والواقع، الصورة والمادة، الثابت والمتحول، الروح والبدن، الآخرة والدنيا، الله والعالم ... إلخ. فالمحرك هو المتحرك عند أفلاطون، والمتحرك من محرك لا يتحرك عند أرسطو.
39
وإذا كان ثامسطيوس قد أخذ صف أفلاطون ضد أرسطو في شرحه لأرسطو فإن الإسكندر كان أعدل منه نظرا لأنه شرح أرسطو بأرسطو كما يفعل ابن رشد. إذا اختلف الإسكندر وثامسطيوس فالإسكندر على حق. فالسلف أفضل من الخلف وأكثر التصاقا بالأصول. وإذا اختلف الإسكندر وأرسطو فأرسطو على حق. فالقرآن له الأولوية على الحديث. وكل ذلك تطبيق لاشعوري لمنهج التعارض والتراجيح في علم الأصول، الأولوية للنص السابق في الزمان عودا إلى الأصول الأولى وتطهيرا لما علق بها من تأويلات الشراح وأهداب الزمن، والصعوبة في هذه العدسات الرباعية؛ أرسطو الإسكندر، ثامسطيوس، ابن رشد، متى يتم النقد ومتى يتم الإعلان عن الموقف والرأي؟ من يعرض من؟ ابن رشد يعرض لثامسطيوس ملخصا الإسكندر شارحا أرسطو؟ هل يعرض ثامسطيوس الإسكندر أم يلخصه ويؤوله؟ هل يعرض الإسكندر أرسطو أم يؤوله؟ ويصعب معرفة كل ذلك تاريخيا لأن علم القراءة هو علم إنتاج النص لا فرق في ذلك بين القارئ والمقروء.
40
ويلاحظ ابن رشد أولوية علم المنطق على علم الطبيعة وعلى علم ما بعد الطبيعة، وإن الطبيعة ترد في قضاياها إلى علم المنطق ليحللها. فكثير من أخطائها في طريقة صياغة القضايا، كما أن قضايا ما بعد الطبيعة هي في حقيقتها قضايا الطبيعة مقلوبة إلى أعلى ومدفوعة إلى أقصى حد إذا ما اغترب الإنسان وتحول من المادة إلى الصورة، ومن المتحرك إلى الثابت، ومن القوة إلى الفعل، ومن العالم إلى الله؛ لذلك سمى أرسطو علم الأدب صناعة المنطق، ما يجب أن يتأدب به الإنسان لمعرفة الأشياء التي يريدها. ومن المنطق ما هو عام لجميع العلوم، ومنه ما هو خاص بعلم علم. وكل عالم يتعلم ما هو عام لكل العلوم وما هو خاص بعلم كما وضح أرسطو، ودون تعلم هذه الصناعة يخطئ الشراح. كل علم إذن علمان كما يصرح أرسطو في الحادية عشرة من كتاب الحيوان، العلم الخاص والعلم الذي به يتأدى الحصول على هذا العلم وهو علم المنطق، علم الآداب العقلية. ويبدأ التعليم بمبادئ العلم قبل العلم أو بما هو أسهل قبل ما هو أصعب؛ لذلك أتى المنطق قبل كل العلوم وآلة لها؛ ومن ثم كان تصنيف العلوم أحد المداخل لترتيبها؛ لذلك يثني ابن رشد على أرسطو وترتيبه للعلوم وتصنيفه لها، وترتيب مقالات كل علم الترتيب الأفضل كما حدث في مقالات علم ما بعد الطبيعة على غير ما زعم نيقلاوش الدمشقي الطبيعي، ويتفق ابن رشد مع أرسطو في ترتيبه؛ لذلك جعل غرض شرحه أن يقدم نصا لأرسطو أسهل متنا، تذكيرا أو مساعدة لمن يقرؤه من العامة أو الخاصة. ولا تعارض بين الاثنين في طريقة الكتابة.
Bog aan la aqoon