Laga Soo Guurista Ila Abuurista
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Noocyada
ويعتبر ابن رشد من الأسماء المتواطئة «الفيلسوف» و«الملك» و«واضع الشرائع»، «الإمام». فالإمام في اللسان العربي هو من يؤتم به في أفعاله، وهو الفيلسوف على الإطلاق. أما كونه نبيا فيدخل في موضوع الجزء الأول من العلم أي الأخلاق «إن شاء الله»، ويكون على جهة الأفضل لا الضروري. فليس هناك مانع من أن يكون الفيلسوف نبيا على جهة الأفضل؛ ومن ثم لا مانع أن يكون فلاسفة الشرق واليونان أنبياء. وتظهر بعض المصطلحات الفقهية مثل الجهاد بالمعنى الاشتقاقي أو بالمعنى الاصطلاحي. وقد يكون رئيس المدينة عارفا بالشرائع التي سنها المشرع الأول ويكون له قدرة على استنباط مالم يصرح به المشرع الأول فتوى وحكما. وهو المسمى عندنا صناعة الفقه. كما تكون له القدرة على الجهاد، لذلك يسمى ملك السنة. وقد لا تجتمع الصفتان في رجل واحد، فيكون أحدهما فقيها والآخر مجاهدا. ويشتركان في الرئاسة كما كان الحال عند كثير من ملوك الإسلام.
كما تظهر الفرق الكلامية إشارة إلى المتكلمين.
32
وتأتي كثير من المواد المضافة من ابن رشد فقيها. فالحاجات الإنسانية أنواع: الضروري والحاجي والتحسيني على ما هو معروف في علم أصول الفقه. وهذا هو الذي جعل أفلاطون أن يتعلم كل واحد في المدينة أكثر من صناعة. فمادة علم أصول الفقه هي التي تفسر مقالة أفلاطون.
وهناك منهجان لتحصيل الفضائل: الإقناع والإكراه كما هو الحال في شريعتنا الإلهية، فالدعوة إلى الله تعالى تكون بإحدى سبيلين؛ سبيل الموعظة وسبيل الجهاد.
ويشرح ابن رشد قول أفلاطون فيما يتعلق بشروط الرئاسة. وهي من خلق الله. فأهل المدينة إخوة من أم واحدة غير أن الله خلق في واحد الاستعداد للرياسة فخلط جوهره بالذهب الإبريز وهم المكرمون بين الناس. كما أعد الله خداما لهم، وخلط هيئتهم بالفضة. وخلق العامة في الدرجات الدنيا، وسائر الحرفيين والصناع في بعضهم حديد وفي البعض الآخر نحاس، وعهد الله إلى الرؤساء ألا يراعوا إلا أبناءهم وتقويم طباعهم نزولا على أمر العناية في تخلط المعادن بعضها ببعض، وما قدره الله لا يغيره الإنسان. ولا يعلق ابن رشد على ذلك بنظريته العقلانية والطبيعية.
33
ويحيل ابن رشد إلى المتكلمين في مسألة الخير والشر؛ فقد ذكر أفلاطون وحذر من تلاوة قصص كاذبة للأطفال لأنهم مدعاة للتصديق. كان ذلك مشهورا في أيامه. وأصبح مشهورا عندنا من التمثيل القبيح القول بأن الله علة الخير والشر وهو الخير المطلق الذي لا يفعل الشر ولا هو علة له، وما يقوله المتكلمون من أهل ملتنا في هذا الشأن من أن الخير والشر لا يتصوران في حق الله تعالى أن جميع أفعاله خير قول سوفسطائي بين السقوط؛ لأنه انكار الطبيعة الخاصة للخير والشر، ويكونان بالاتفاق. ينقد ابن رشد الأشاعرة دون تسميتهم وجعلهم الله العلة الأولى لكل شيء بما في ذلك أفعال الإنسان في الخير والشر. كما لا ينسب الشر إلى إبليس أو الشيطان فهو تمثيل ضار على الأطفال وحكاياتهم عن الشياطين وقدراتها على الأفعال العجيبة مما يعزز في نفوسهم الخوف والجبن. ومن أقبح الأمور أيضا القول بتشكل الملائكة بأشكال مختلفة وأن هذا من قبيل المعجزات. والأولى تمثيل الشر بالمادة أو بالظلمة أو العدم. ومع شيوع النسوة والولدان إذا ارتأى الرؤساء أن الحاجة تدعو إلى الإنجاب أقيمت الأفراح في المدينة، ويقربون القرابين، ويولمون الولائم، ويصلون ويتوسلون إلى الله تعالى ليلطف بهم وينشدون الأشعار.
34
ويظهر العلم الإلهي بمناسبة العلم المدني في تقسيم العلوم. فموضوع العلم المدني الأفعال الإرادية، ومبادئها الإرادة والاختيار كما أن موضوع العلم الطبيعي الأشياء الطبيعية ومبادئها الطبع والطبيعة. وموضوع العلم الإلهي الأمور الإلهية ومبدؤه الله سبحانه وتعالى. فالفرق بين الإنسان والطبيعة هي الحرية والإرادة والاختيار. ويفرد ابن رشد فقرات طويلة عن مسألة الخير والشر من الله أم من الإنسان. إذ تقول الشرائع الموجودة «في زماننا هذا» إنه ما أراده الله تعالى غير الأمر الذي أراده الله منهم تتم معرفته عن طريق النبوة. فالشرائع معرفة كما تأمر به «شريعتنا» ومعرفة عملية كما تحض عليه الأخلاق. والقصد واحد؛ لهذا اعتقد البعض أن هذه الشرائع تابعة لحكمة قديمة أي لا فرق في ذلك بين أنبياء الوحي وأنبياء الطبيعة.
Bog aan la aqoon