فإلا يكن إلا تمتع ساعة
قليل فإني نافع لي قليلها
وقد يسأل القارئ: وما خطب الشعب المصري من هذا الغرام والحب والهيام؟
فأجيب: إن من طبيعة الحب أنه فردي وليس اجتماعي؛ فهؤلاء السادة يحبون لأن لهم قلوبا تخفق ونفوسا تتذوق الجمال، فأما الشعب فلا قلب له ولا نفس له ولا ذوق له، فهو من أجل ذلك لا يحب، وقل إن شئت إن للشعب قلبا ونفسا وذوقا، ولكنه لا يبيح للحب أن يسيطر على قلبه، ولا أن يستأثر بنفسه، ولا أن يفسد ذوقه إفسادا، فالشعب ساذج لا حظ له من ترف، والاستسلام للحب من خصال المترفين. ألست تذكر قول ذلك الشاعر الأمير العراقي:
نحن قوم تذيبنا الأعين النج
ل على أننا نذيب الحديدا
طوع أيدي الغرام تقتادنا الغي
د ونقتاد بالطعان الأسودا
ألست ترى أن ساستنا العاشقين المترفين يشبهون هذا الأمير الشاعر العراقي القديم المترف؟ إنهم قوم تذيبهم الأعين النجل ويقودهم الحب إلى لندرة، ولكن حظهم من البأس حين يكون البأس ومن الشدة حين تكون الشدة عظيم، تشهد لهم بذلك، أو تشهد عليهم بذلك، نفوس أزهقت ودماء أريقت على كوبري عباس، وعلى غير كوبري عباس من أرض مصر في شهر فبراير وفي غير شهر فبراير من ذلك العام، وتشهد لهم بذلك، أو تشهد عليهم بذلك، سجون عرفت كيف يكون الامتلاء، وتشهد لهم بذلك أو تشهد عليهم بذلك حرية عرفت عض القيود وثقل الأغلال.
معجزة الفن
Bog aan la aqoon