ينتف عثنونه من الهوس
وقد فتح الله على الزيات بعد خمسة وعشرين عاما، فكتب في الحالة الحاضرة، ولم يفتح الله عليه ولا على صاحبيه بعد خمسة وعشرين عاما ليكتبوا عن مصر في الصباح. ولكنه قد كتب على كل حال، فما زال إذن قائما من صاحبيه مقام الأستاذ، ولن يستطيع صاحباه أن يصدماه بهذا البيت:
شيخ لنا من ربيعة الفرس
ينتف عثنونه من الهوس
وإني لأخشى أن يستطيل هو على صاحبيه، وقد عجزا ربع قرن عن أن يكتبا في الحالة الحاضرة، أو يصورا مصر في الصباح، فيصدمهما بهذا البيت بعد أن كان يخافه ويضيق به، ويكره استماعه منهما.
ولست أدري أأشفق ثالثنا من هذا النذير فاستعد لهذه الساعة الخطرة التي يلتقي فيها الأصحاب لتصفية الحساب، أم شغل بكتبه وأسفاره عن كل هذا الحديث؟ أما أنا فأعترف بأني فكرت في هذه الساعة، وقدرت أنها ستكون عصيبة محرجة، وأشفقت من هذا الحرج، وحاولت أن أحتاط له، وأستعد لهجمة الزيات، وأربأ بنفسي عن أن أسمع منه هذا البيت الذي كنا نخوفه به، فأصبح خليقا أن يخوفنا به:
شيخ لنا من ربيعة الفرس
ينتف عثنونه من الهوس
فحاولت منذ أسبوع أن أطرق هذا الموضوع، وأن أكتب عن مصر في الصباح، فإذا بلغت من ذلك ما أريد أمنت الزيات وحالفته على صديقنا الثالث، كما كنت أحالف صديقنا الثالث عليه، ثم ذهبنا إلى صاحبنا نسعى إليه مبتسمين، حتى إذا بلغنا مجلسه لم نبدأه بتحية ولا مصافحة ولا حديث، وإنما وضعنا الرسالة بين يديه وفيها الحالة الحاضرة للزيات، وفيها مصر في الصباح لطه حسين، ثم ابتدرناه معا بهذا البيت:
شيخ لنا من ربيعة الفرس
Bog aan la aqoon