حقا إن الحب العذري ليس أسطورة كما كنا نظن، ولكن أي حمار يصدقك؟ إنك لتكونن تاجرا بل دلالا، ومن يدري إذا كنت لا تهتف في الجلسة بلا وعي: على أونا، على دوي ...
ربما اغتفر لحزب أو جماعة أو رجل أن يضحوا بشيء من المال ليفوز مرشحهم، أما إن شخصا يدفع هو، ليفوز هو، ثم يخدم الأمة بصدق ونزاهة فهذا ما أشك فيه ...
فإذا كان يعتقد أن الصيت الجيد خير من المال المجموع فها أنا أدله على صيت لا يموت. فليحبس هذه المائة ألف ليرة أو المائتين ويجعل ريعها لمشروع إنساني يحمل اسمه إلى الأبد، وله أن يكون إما نوبل الشرق وإما روكفلره، فدنيا البر والإحسان واسعة.
أما إذا زعم أنه يؤثر خدمة الأمة ثم أصر على هذا الهيام والغرام فقولوا له: أنت تاجر تدفع التسعة لتقبض العشرة ... وكل مشتر بياع.
16 / 2 / 51
دنيا يا غرامي
زعموا أن الضب يعيش بالنسيم، وأنا أزعم أن اللبناني يعيش بالسياسة وأن الحزبية عنده بنت عم الطعام والشراب والكساء، إن لم تكن ست الإخوة ... ففلان على «الغرض» هي الكلمة التي تدور على لساننا، الدالة على انقسامنا، إذ لا بد لنا - في كل شأن - من انقسام العرب عربين. ففي المدينة حيث الطوائف المختلفة تقوم الفتنة الكبرى بين الحيين، وفي القرية تكشر الحزبية عن أنيابها بين الحارتين، حتى تراهم في الكنائس حزب يسار وحزب يمين، وكل منهما يردد آمين ... وإذا كانت الضيعة عائلة واحدة فالمخاصمة واقعة - لا محالة - بين أبناء العم والإخوة.
يتلهون بالمختار ورئيس البلدية والناطور، ومتى حانت «زفة» النيابة تقف الحية على ذنبها، تلتف الأحزاب حول تلك العروس المكحولة العين، رجال تهدر كالجمال، وقرود تزمجر كالأسود، ولا تخلو المعمعة من أبطال يستحيلون حميرا يركب عليها بلا جلال ...
لا أتعجب من هذا، فكذلك كنا أيام «مجلس الإدارة»، كانوا يخطفون «مشايخ الصلح» كما يخطف الشباب العرائس، ويأخذون منهم «الأختام» عربون الخطبة، ثم يخفونهم في مكان ما حتى يوم الاقتراع، ومهما نسيت من ذيول حزبيتنا الهوجاء فلا أنسى معركة انتخابية انجلت عن مصرع ضابطين كبيرين فأطلقت الصحف على المنتخب اسم «العضو الأحمر».
كل هذا مر وحدث، أما الشيء الذي ما مر مثله على رأسي، فهو الاتهام بجريمة قبل وقوعها، فعلى هذا القياس لو استوزر وزير حربية الرب، الملاك ميخائيل، ونصب ذاك الميزان على عيني وعينك يا مرشح لا نعدم من يتهمه التزوير.
Bog aan la aqoon